كل من حوله يعرف أن هذا الرجل كانت له خصيصة فريدة في انتقاء الجياد يوم ان كانت الخيل هي قوام الحرب والذود عن الأوطان وهو كان في هذا لا يساوم، حسبه أن يجد ما يريد تماماً ليركز رمحه في الأرض ولا يبرح أبداً إلا بما يريد إذا لم يكن يبذل المال فبالدم ثم قال: إنهم في قبيلتنا يعشقون الخيول إلى حد الوله.. وجدي يعشق الجياد، وفي العشيات يتشعب الحديث وترتدي الكلمات معانيها الدقيقة.. وتبقى الخيول هي الجياد والجياد هي الخيول في الأذهان الصغيرة.
ويأتي الربيع فيرتحل الفرسان إلى الفيافي والأسواق في طلب الخيل السمينة ذات العافية والرواء، ويمكث جدي في المضارب، ولا ينطلق أو يعود إلا عندما يشتعل الصيف وتلهث الدروب ويحل موسم التمر الكثير من منبعه!
هاهو مطلع الصيف وقد امتطى جدي جواده واردفني وراءه. وسار إلى الأفق سألني في إحدى المرات عن الفرق بين الخيول والجياد فعجزت أن أفهم ولم يقل شيئاً.
قبائل وأسواق كثيرة تعج بالخيل والبهائم مررنا بها ولكن جدي لم يجد ضالته حتى نزلنا في سوق للخيل عند حافة الصحراء شرقاً بالقرب من النهر ترجل وسار على قدميه يتوقف أمام الخيول الجميلة الهادئة ثم سرعان ما يمضي وهو يبحث عما يريد.
أعجبتني خيول كثيرة ووددت لو يشتري هذا الفارس أحدها كانت هادئة تحت الشمس والغبار والذباب وكانت تأكل العشب اليابس بين نخيل (هجر)، وتشرب الماء بكثرة، واحد منها فقط كان لا يأكل ولا يشرب بل كان يقفز ويحرث بحوافره الأرض كان جواداً أبيض أكحل لافتاً للنظر تقدم جدي إليه، لمسه فسكن.. دفع فيه مبلغاً مذهلاً ثم التفت إليّ قائلاً: هذا هو الجواد الذي نريده لماضي أيامنا المقبلة هيا تقدم إليه اقفز على ظهره انطلق إلى الأفق البعيد هناك حيث الدنيا التي كانت عذبة الهواء والناس والأمل!!
* * *
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244
الرياض