يتناول الكتاب التحديات التي يواجهها الإعلام العربي، والتي تتراوح ما بين تحديات داخلية تتمثل في التحريض ضد إطلاق حرية الصحافة والإعلام من خلال بعض الاتجاهات المتشددة داخل أنظمة الحكم، ومن بعض الجماعات الأصولية والتي ترى في حرية الصحافة والإعلام موجةً تغريبية معادية للثقافة العربية والإسلامية.
ثم يتناول المؤلف الصحافة المصرية الراهنة قائلاً: (إن الاحتقان الشديد ممثلا في الأزمة التي مرت بها الصحافة المصرية في صيف عام 2007 قد نتج عن التراجع الشديد في مفاهيم ومعايير الحرية الديمقراطية، وخصوصا حرية الصحافة والرأي والتعبير، وفي وقت ينعم العالم بمثل هذه الحرية المزدهرة، يمارس النقد ويعالج التجاوز ويحاسب ويسائل لكنه لا يسجن الصحفيين وأصحاب الرأي.. ونظن أن فك الاحتقان لا يتم إلا بصياغة جديدة لحرية الصحافة وباقي الحريات وبدون هذه الصياغة وذلك الإصلاح، وسوف نظل اسري الاحتقان المتصاعد ويظل المتشددون يمارسون هوايتهم المحببة في قمع حرية الصحافة. ويظل الصحفيون يمارسون فضيلة الخوف أحيانا وعادة التمرد والمشاغبة وكسر المحرمات أحيانا أخرى...).
ينقسم الكتاب إلى مقدمة وعشرة فصول, يرى المؤلف في بدايتها أن الصحافة في جوهرها تشتغل بالسياسة, والسياسة أيضا تمارس الصحافة, والمعنى أن الصحفيين سياسيون بالضرورة, والسياسيين صحفيون بحكم العمل، وهذه هي الصورة النمطية للصحافة والمشتغلين بها في العالم، لكن الوضع في الدول العربية يختلف كثيرا عن هذه الصورة البراقة.
ويستعرض في لمحة تاريخية الصحافة في مصر والعالم العربي موضحا أن مصر ولبنان كانتا من أوائل الدول التي عرفت الطباعة ومن ثم الصحافة بمعناها الحديث، خاصة حين أحضر نابليون بونابرت أول مطبعة على ظهر سفن حملته العسكرية على مصر (1798-1803)، وأصدر أول صحيفة باللغة الفرنسية.
وفي فصل عنوانه (الحريات المكبوتة والحقوق المقهورة) يستعرض المؤلف موقف حرية الصحافة في عدد من البلدان العربية, خصوصاً تلك التي تتمتع بهامش نسبي من الديمقراطية مثل مصر ولبنان والمغرب والأردن واليمن والكويت, ويخرج بخلاصة يعبر فيها عن دهشته من أن معظم هذه الدول مالت في السنوات الأخيرة نحو التشدد, خصوصا في التعامل مع ثقافة حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير, التي هي المقدمة الحقيقية لأي تطور ديمقراطي.
ويؤكد المؤلف أنه في ظل الحديث عن إطلاق الحريات والإصلاح الديمقراطي المنشود, لا يجوز اصطناع القيود أو إضفاء القدسية أو إسباغ التحريم أو الحرمة على هيئات أو مؤسسات أو أفراد, بالقسر والفرض والإجبار, عكس الحرية الطبيعية للبشر في النقد والمساءلة والتعبير عن الرأي.
الجدير ذكره، أن هذا الكتاب كان الإصدار الأخير لصلاح الدين حافظ قبل وفاته قبل عدة أيام، وهو كاتب صحفي وأمين عام اتحاد الصحفيين العرب، عمل حتى وفاته مديرًا لتحرير صحيفة الأهرام ومشرفًا على الأهرام الدولي، علاوة على رئاسته لتحرير مجلة دراسات إعلامية. وقد أصدر صلاح الدين حافظ 15 كتاباً، منها ثلاثة كتب تدافع عن حرية الصحافة والرأي، هي أحزان حرية الصحافة، وتزييف الوعي، وتحريم السياسة وتجريم الصحافة، ومنها كتب عن ضرورات الديمقراطية مثل: صدمة الديمقراطية، والديمقراطية والثورة مأزق العالم الثالث. كما كان يكتب مقالا أسبوعيا بالأهرام ينشر بالتزامن في خمس صحف عربية.
يقع الكتاب في (215) صفحة من القطع العادي.