إعداد: محمد المنيف - تصوير: سعيد شماع
الفنان احمد حسين الغامدي من الأسماء البارزة في المنطقة الغربية على وجه الخصوص بنشاطه الديناميكي في مجال الإبداع والمشاركات أو في إدارة الكثير من الأنشطة ابتداء من عمله السابق كأمين عام لبيت التشكيليين وصولا إلى تنظيمه وإعداده للمعارض الجماعية التي لاقت النجاح والإقبال من قبل المشاركين لمعرفتهم أبعاد التعامل مع هذا الفنان ومصداقيته، هذا النشاط لم يكن أكثر أو أهم مما يحمله للفن التشكيلي من رغبة في أن يقدم الكثير فيه فأعطى لإبداعه المساحة التي يستحقها ولكنها تأتي بشكل منظم دون اندفاع ولنا في الفترة التي تفصل بين معرضه الأول عام 2003م وإقامة معرضه الثاني عام 2009م الدليل والشاهد على ما يعنيه تقديم تجربة بشكل مكتمل البناء وذات قيمة إبداعية تقنياً وفكرياً في طرح الموضوع أو الفكرة. هذه المساحة أو الفترة لم يكن فيه الفنان احمد حسين متوقفا بقدر ما كان يبحث ويجرب ويقدم نماذج من مراحل عطائه في المعارض المختلفة مع أن مثل تلك المشاركات لا تعطي للمشاهد او المتابع الجديد الحقيقة التي يعرف منسوبو الساحة بها قدرات للفنان احمد حسين وإمكاناته التشكيلية، لن نطيل وإنما نضيف القول أن الفنان احمد حسين عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية له أثره وتأثيره الإبداعي والثقافي عبر حضوره الدائم في المحافل التشكيلية ودعمه لها ومن خلال موقعه التشكيلي على الانترنت الذي يحمل عنوان (بيت الفن) الذي استطاع من خلاله أن ينقل إلى أعين محبي الفنون التشكيلية من المثقفين والتشكيليين على مستوى العالم العربي وخارجه ما يحتضنه وطننا الغالي من وعي ورقي، إبداع بالفرشاة والألوان والقلم.
تحول نحو النضج
التجربة التشكيلية لأي فنان لا يمكن إلا وان تمر على مراحل من التغير والتبدل ابتداء من محاولة اكتشاف الفنان لذاته وموهبته مرورا بالتعرف على تجارب الآخرين ورصد كيفية انتقالهم إلى مستوى أفضل بخبرات أكثر نضجاً، من هنا يمكن للمشاهد المتابع لأي فنان أن يعرف حجم التطور لديه ومدى قدرته على الانتقال من خطوة إلى أخرى دون إحداث بتر أو فصل بين الجديد وبين السابق ولهذا نجد في أعمال الفنان والزميل احمد حسين ما يؤكد عمق خبرته في كيفية اخذ المشاهد معه ليشاركه الانتقال ولتحول دون مساس بما كان يحمله له من معرفة تلقاها واختزلها من أول لوحة شاهدها له فكيف بمن يتابع هذا الفنان مع أول معارضه التي يراها النقاد أو المتابعين المنطلق الحقيقي لمعرفة حجم ما يمتلكه الفنان من مساحة نحو النجاح أو عكسه فكثير من الفنانين توقفوا عند أول معرض أو تبدل مسار أعمالهم بشكل غير مستقر لا يسمح للراصد التشكيلي إعداد رسم بياني لتحركه، فتارة يرتفع إلى أعلى درجات الإقناع وأحيانا ينخفض إلى اقل مراحلها، حيث يقدم بعض الفنانين في كل معرض تجربة منتقلين إلى أخرى لا علاقة لها بالأولى موجدين حالة من الإرباك للبصر والبصيرة.
ومع أنني لم أحظ بفرصة زيارة معرض الفنان احمد حسين الذي أقامه في جدة إلا أنني حصلت على صور لغالبية الأعمال مع ما أبدعه المصور سعيد شماع واستعرض فيه لقطاته حول المعرض في موقع بيت الفن مع ما نأمل أن نراه في الرياض إلا أنني من المتابعين للفنان احمد والعارفين بما يحمله من إمكانات تجاوز بها مرحلة تقديم نفسه للساحة نحو أجواء المنافسة في محيط يعج بالمعارض والأسماء تصعب فيه المنافسة إلا لمن لديه القدرة والثقة بعطائه، فتنوع القاعات في جدة وكثرة المعارض مهما اختلفت مستوياتها يشكل أرضية خصبة للحضور والمبادرة.
المعرض الثاني..
إشراق وشفافية
جاء المعرض الثاني للفنان احمد حسين يحمل وميضا جديدا استمد قيمته من محيطه العام ومن مختزله المتراكم بالصور والمشاهد للواقع البيئي في مختلف أرجاء الوطن بعيون محب ووجدان عاشق تفاعل مع كل المعطيات والمفردات بحيوية ورهافة حس.
قدم احمد حسين في معرضه الثاني مشهدا تعبيريا رمزيا تعددت فيه العناصر والأحداث والمواقف تراه أحيانا متشابها وأحيانا أخرى أكثر حراكا بإيقاعاته المتناغمة، يعود بنا بألوانه إلى الأرض والبحر والسماء ويعيد فينا العلاقة مع الليل ومع بزوغ الفجر يصالح ما اختلف بين الألوان فيمازج بينهم ويستخلص رحيقه العذب في كل حالة تشكلها كل لوحة، يقدم الفنان احمد حسين فضاءه الكبير للعين وللفكر ويمنح اللوحة الأفق الأرحب لتستوعب أبعاد الموضوع باختصاراته الذكية واقتناصه للعناصر، فأجمل الاشكال ما اختزلتها الأعين، وأجمل الومضات ما وقع على ما نحب ونعشق.
إثارة الدهشة
في وجدان المشاهد
تتسم أعمال الفنان احمد حسين بالتعبير الحقيقي عن الروح النقية التي تشكل القاسم لمشترك بين كل المتلقين المثقفين الواعين للفعل الإبداعي لتصبح اللوحة جزءا من الرائي واقرب للفنان الآخر الذي يرى فيها ما كان يرغب التعامل معه، سهلة ممتنعة، صاخبة هادئة، شديدة المراس سهلة الانقياد، ترتبط العناصر والألوان فيها مع الفنان احمد ارتباطاً يشكل مثلث العلاقة الحقيقية، فكرياً، روحياً، ووجدانيا، مانحا المتلقي بهذا التلاحم فرصة الحوار مع أعماق اللوحة أكثر منه إعجابا بمظهرها ليستخلص إجابات مشاعر الدهشة.
قد يرى البعض أن في أعمال الفنان احمد حسين شيئا من الشبه أو المقاربة مع أعمال أخرى وهذا أمر لا مفر منه لدى الفنانين التشكيليين عامة على المستوى المحلي لذي هو جزء من العالم الذي يحدث فيه مثل هذه القضايا كون الفن ثقافة مشاعة يمكن رصدها من قبل الآخرين ومن هناك يصبح العقل الباطني مخزنا يفيض بالصور والمشاهد، لكن الحقيقة تكمن في التعمق في العمل واستبعاد الإحساس بالمقارنة حينما تحضر القناعة من قبل أفراد تشبعوا بالنظر في معرفة الأعمال المختلفة فأجازت لهم تلك الرؤية الحكم على الأعمال التي تقع تحت بصرهم بشكل منصف في جوانبه الفنية والفكرية (الموضوع)، لهذا يمكن أن نخرج من أعمال الفنان احمد حسين بأنها مجال لتحريض العين واستفزاز العقل واستدراج الوجدان ليتفقوا على أنها تحمل شخصيته وخصوصيته، فالفنان احمد في معرضه الثاني استطاع أن يوجد نوعاً من الإيجاز واختزال العنصر والشكل والمشهد بأسلوب غير مباشر يدفع المتلقي لان يمارس دور المستنتج للمعاني والاشارات التي تبرز على اللوحة الفضاء المفعم باللون الحركة الدؤوبة الكتلة مقابل الفراغ.
***
سيرة ذاتية
يحمل الفنان احمد حسين بكالوريوس تربية وعلوم - جامعة الملك سعود، عضو مجلس ادارة
الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، عضو مجلس إدارة بيت الفنانين التشكيليين وامينه
العام سابقا، عضو جمعية الثقافة والفنون بجدة، عضو جمعية الثقافة والفنون بالباحة،
عضو مركز المناهل.
شارك في كثير من المعارض المحلية والدولية
اقام معرضه الشخصي الأول بالقنصلية الفرنسية بجدة 2003م
حائز على العديد من الجوائز والمقتنيات وشهادات الشكر والتقدير
monif@hotmail.com