كنت قد بدأت بيان حالة الكلمة.. أو.. في هذا: (المعجم اللغوي) وذلكم في العدد السابق لهذا العدد.
ولما كانت.. أو.. من حروف العطف، وحروف العطف لها أداؤها وفعلها في البنية اللغوية فأُبين هنا أولاً حقيقة: عطف البيان وسبق لي تعريفه بأنه: تابع جامد لما قبله، لكن أوضح في سبيل نوع هذا العطف: (البيان) (المراد منه) حال حصوله في التركيب اللغوي، وعلى هذا فالمراد منه كما يلي:
أولاً: الإيضاح العطفي مثل: (قام الإمام يحيى بن معين) أو: (نجح الخطيب البغدادي) والبيان الدقيق مثل: (قرأ أبو أحمد سُليمان بن منصور).
ثانياً: 1- الثناء بعموم مثل: (قرأت الكتاب: تحت راية القرآن).
2- الثناء بخصوص مثل: (قرأت الكتاب: وحي القلم /.. جزأه الأول..)
ثالثاً: التخصيص العطفي مثل: (سافرتُ إلى مدينة.. علمية.. أخذت بلبي) ونحو: ذلك.
ومعلوم أن عطف البيان هو ما يقع في الخطأ فيه كثير من: الباحثين، والعلماء، والكتبة، والنقاد وذلك لوقوع الخلط لدى كثير منهم بأن مثل هذه الأمثلة التي أوردت بعضها ليست من العطف في شيء فيقع الخطأ جلياً في النسق الإيرادي بحيث يختلف عندهم المعطوف عليه لما بعده لظنهم أن الكلمة ليست: عطفاً لا سيما عند المنادين بنحو جديد ودراسات جديدة على غرار: لويس عوض، وجرجي زيدان، ومحمود أبو رية، وجمال البنا (وما يوم حليمة بسر).
وبحكم ضعف الخلفية القرائية المتزنة لدى جيل جديد في هذا.. القرن.. فقد طغى الغبار وغشي أعينهم فنسوا تأصيل وتقعيد كبار العلماء المستقلين مثل: سيبويه، والخليل بن أحمد، وخيماورية، والأعمش، وابن جني، والمبرد، وقطرب، وقتادة بن دعامة السدوسي، والعيني، ومثل: مصطفى بن صادق الرافعي، وعلي الجارم، وسواهما، ولك اليوم أن تقرأ بحذق ونباهة عميقة مركزة لما يكتب أو: يلقى فستجد غيضاً من فيض من اجتهادات ودراسات تزعم التجديد والتنويع فإذا أنت تابعت هؤلاء وجدتهم (يرقمون على الماء) (ويخطّون في الرمل) فتابع بنباهة وعمق وسؤدد نظر وأمانة تجد (الشمس ذات شعاع) (والقمر ذا هالة) (والماء بذي قراح).
قال ابن سعد بن لحيدان ونعوذ بالله من الفصام وأن نحمد بما ليس نفعله.. نعود إلى العطف وما أدراك ما العطف جليله جليل وأمره خطير وعلمه أصل أصيل وها أنذا أُبين حال حروف العطف التي لي فيها ناهض قول على ترياق قويم سبكه قبلي (سيبويه) لكنني أضيف جديداً ولا جديد في هذا إلا بيان ما لا بد منه.. إذاً أبدأ بحروف العطف.. وهي كما يلي:
1- الاشتراك بين: المعطوف والمعطوف عليه في اللفظ ليس إلا مثل: (ما ساد جبران بل: محمد).
2- الاشتراك العام بين المعطوف والمعطوف عليه في اللفظ والمعنى مثل: (نزل المطر ونبت العشب)، وقس عليه (هداك الهادي).
3- الاشتراك المبهم مثل: (جاء العظماء وآخرون) ومثل: (قرأ خالد وقار آخر)، والإبهام يرد كثيراً عند جهالة (المعطوف) وهو يدخل ضمناً تحت: (اشتراك العطف العام).
وقد ناوأني من زعم أنه نحوي عصري مجدد مجيد في (حروف العطف) وأن حرف (حتى) ليست منها في شيء، بل هي من حروف الغاية فقط، وهذا ولعمر الحق سبيله سبيل من ينقل من هنا وهناك ويرصف الكلام ليُبيِّن للناس أنه يحاول التجديد والدراسات النحوية واللغوية في هذا: العصر، ولم يع، ولا أظنه يعي أن علم اللغة والنحو موهبة ربانية يحتاج أمره جداً إلى جليل التواضع، وحسن الخلق، وشدة التذوق لمفردات الكلمة وبنية العبارات ومثل هذا العلم (علم.. الحديث) سواء بسواء موهبة وإلهام.
قال ابن لحيدان: وحتى حرف عطف مثلها مثل: الفاء، وثم، وأم، و: أو، والواو.
وتوضيح هذا أن حتى حرف عطف لماذا؟ لأنها: حرف غاية تماماً.
ولا يتضح المقام إلا بالمقال فيُقال مثلاً: (فاز الجادون حتى النابهون)، ومثل: (نجح المنتظمون حتى المنتسبون)، ولا يُفهم من هذا إلا العطف وبيان هذا الوجه بيانه بتغيير: (حتى) وإيراد مكانها: (الواو) مثل: (نجح المنتظمون والمنتسبون) لكن الفرق هنا إنما يكون في المعنى فقط ف(الواو) للمساواة، و: حتى للغاية، وذلك أن كل حرف عطف له إعراب، كما أن له معنى يقتضيه.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5485» ثم أرسلها إلى الكود 82244
الرياض