اقترب منه بطريقة وجلة وكرجل مسكون بالأرق متوجس من الاحتمالات المتشابكة لا بد له من وقت بهيج، ففي هذا الزمن أصبح للقط أوقات عذبة وأعراس أسطورية، هذا الرجل أحبه حتى الخوف همس دهنوش لنفسه ثم انحنى يلتقط الدبابيس والأفكار الهاربة.
دهنوش سائق منذ مدة تستعصي على التذكار، يعرف مواقع الرثاثة والقرف في اللوحة الداخلية.. غرور.. إهمال.. طفح أمجاد بائدة وسيده إنسان شاعري في جميع الاتجاهات حتى في أسواق المال هو مديره في المكتب هذا صحيح، ولكنه حين يسافر به في أمعاء المدينة أو وراء حدود الأفق يقول له ببساطة حميمة ابعد عنا يا سيدي أو اغسل الدلة جيداً يا محترم!! ويبتسم المدير ويمتثل ويقول حاضر يا عجوز.
مرة واحدة سأله المدير كم وردة نضرة في هذا العالم يا دهنوش؟ ودهنوش يسطع بالجواب فوراً: المهم ليس عدد الورود بل اللون والرائحة والروح العذبة التي تكفي سكان السويدي والبديعة معاً!
واقترب دهنوش هذا الصباح من مديره بطريقة وجلة وهمس هل فكرت في العذوبة؟ صب المدير نظرة حزينة في وجه سائقه الخاص وقال: متعب أنا، جائع كالحمار الضال لا أدري ماذا أفعل!؟
انحنى دهنوش أكثر بوداعة واثقة قائلاً: لا يهمني الآن التفكير في شجرة الطلح لا يهمني التعب ولا الجوع، هل لديك الشجاعة يا سيدي لتناول الطعام في فضاء آخر، رجال الأعمال يفعلون ذلك أحياناً حين يجوعون، وسائقوهم أيضاً!! هيا إلى البحر الذي تنكبه أجدادك فخسروا كل شيء!!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244