الظلم والعار.. وكل صور المذلة والهوان.. من النكبة إلى الحريق.. مروراً بالنكسة كلها تعود.. تعود لتسحق ما تبقى من كرامة.. لاتزال تقاوم كل مغريات الانكسار، في (48) فقدنا نصف فلسطين.. وفي (67) فقدنا نصفها الآخر وأشياء أخرى.. تجرعنا الهزيمة.. وأبينا الانهزام.. وعلى ركام الحريق صغنا طريق العودة.. ليشهد (73) تحطم الأسطورة على أنقاض (بارليف)، لكننا استكثرنا الانتصار، فما استسغنا طعمه، واستعذبنا مرارة الانهزام.. فرضوا (السلام)، فأبينا إلا (الاستسلام)، وكانت (نوبل) طعماً للافتراس.. ابتسامة فمصافحة فلقاء فتوقيع لبيع كل شيء مقابل لاشيء.. قبضنا ال(لاشيء) وعدنا لنتقاسم.. فانسقمنا.. فاقسمنا على آخر قطرة من دمائنا.. فإذا نحن بلا (دم) وهم بلا (قلب).. هم بلا (حياء) ونحن بلا (حياة).. إن دخلوا دولة أفسدوها.. وإن لم يدخلوها سجنوها.. لا يقتلون على الهوية.. بل يقتلون الهوية.. كان (أبو غرب) في العراق.. فوضعوا العراق في (أبي غريب).. وحولوا (غزة) إلى (غزانتانامو).. فالمليون والنصف المدافعون ليس عن أرضهم وعرضهم بل عن مجرد حقهم في الحياة ليسوا سوى حفنة من الإرهابيين ينغصون حياة الإسرائيلي المسكين المسالم..
أقلب الصفحة فإذا الأمة نصفان: نصف يطعمون ويشربون (كدراً وطينا)، لا يعيشون على الهامش بل تحته، ونصف يعيش الترف للترف.. جدل فكري صاخب عقيم.. وإعلام مخملي لا يطرب ولا يسلي إلا إذا حوى كل شيء إلا الصدق و(الحياء).. وعبر شاشته تطل البسوس، لتوقد الفتنة عبر مليون شاعر.. (ناقتي) (قبيلتي) فيتشرذم النصفان إلى أنصاف: نصف ل(داحس) ونصف ل(الغبراء)، نصف ل(فتح) ونصف ل(حماس)، نصف (أنا) ونصف (نحن)، والكل (ضمير غائب).
أقلب الصفحة فإذا عنوانها (على شفا جرفٍ هار) نظرة سوداوية لكنها واقعية، نظرة متشائمة أبت إلا أن توقظ روح التفاؤل.. التفاؤل بأن الأمة لاتزال قادرة على الحراك.. فجأة تُسقط الحدود.. وينطلق أبناء غزة نحو الحياة.. ويقف العالم القوي المهيمن المتغطرس مشدوها من هول الصدمة.. فلم يفق إلا بعد أن استجاب قدر الله لشعب أراد الحياة..
(محمد أبو تريكة) تحول في نظر الشباب - جادهم وعابثهم - من مجرد لاعب إلى بطل امة، لأنه رفع شعار (تعاطفا مع غزة).
(محمد جبر الحربي) كتب بصدق وتجرد ليس عن هم الأمة فحسب.. ولا عن هموم العالم العاشر فقط.. بل عن هموم شعوب لا يمكن تصنيفها.. ففي أي درجة من سلم الترتيب العالمي يصنف الإنسان في الصومال؟!.
(على شفا جرفٍ هار) رسالة ل(الإنسان) في الغرب.. قبل أن تزل قدم البشرية من على شفا الجرف.
إبراهيم بن علي الخشان
- عنيزة