يستعمل عامة أهل نجد اسم الفعل (قوه) للدعوة إلى الذهاب بمعنى: هيّا نذهب، فهو أمر صادر من المتحدث للمخاطب ليصاحبه في الذهاب لا أن يذهب وحده. والدليل على أن هذا اللفظ اسم فعل أنه جامد فهو بمعنى الصيغة الأمرية وحدها أي ما يقابل فعل الأمر لا الفعل الماضي ولا الفعل المضارع. والدليل على أنه اسم فعل وليس بفعل أمر أنه لا يدخل الجدول الإسنادي فهذه الصيغة تستعمل مع المفرد وغير المفرد فتقول: قوه يا زيد، وقوه يا جماعة، وتستعمل مع المذكر والمؤنث: قوه يا ندى. ويظن بعض الناس أن اسم الفعل هذا دخيل على العامية فيرونه من الإنجليزية(go) وليس الأمر كذلك عندي؛ لأن هذا اللفظ من الألفاظ اليومية الأساسية وليس من ألفاظ الحضارة كالمصنوعات أو عروض التجارة التي تجتلب مع ما يستورد من البلاد الأجنبية، والبيئة النجدية بيئة أكثر انغلاقًا من غيرها من البيئات العربية فالدخيل قليل فيها موازنة بالدخيل في لهجات الثغور المتصلة باستمرار بالبيئات الخارجية. ولو أن هذا الفعل دخل من الفارسية أو التركية لكان الأمر أسوغ لقرب اللغتين، أما الإنجليزية فهي بعيدة كل البعد عن وسط نجد، ولو كان اسم الفعل هذا دخيلاً منها لظهر استعماله في البيئات الخليجية وغير الخليجية حيث كانت الإنجليزية ذات حضور أيام الانتداب البريطاني.
ومن أجل ذلك أرى أن هذا الاسم قد يكون مأخوذًا من (القاه) أي الطاعة (لسان العرب: قيه)، كأن الرجل يقول لصاحبه: أطع. والذي يلاحظ ملابسات استعمال هذا اللفظ يجده يلي جملة من المطالبات كأن يعزم الرجل صاحبه أو يدعوه إلى وليمة أو يستحثه إلى مشاركته في إنجاز أمر ثم يختم بقوله: قوه، أي أجب دعوتي، أو أطع أمري، وربما اتسع في استعمال اللفظ ليستعمل لمطلق الأمر بالذهاب بصحبة المتحدث.
وقد ورد لفظ (القاه) في أشعارهم بمعنى الطاعة، قال الزَّفَيان:
ما بالُ عيْنٍ شَوْقُها اسْتَبْكاها
في رَسْمِ دارٍ لَبِسَتْ بِلاها
تاللهِ لولا النارُ أَن نَصْلاها
أَو يَدْعُوَ الناسُ علينا اللهَ
لمَا سَمِعْنا لأَمِيرٍ قاها
وقالوا: ما لَه عليَّ قاهٌ أَي سُلْطانٌ. والقاهُ الجاهُ وقال أَبو عبيد: القاهُ سُرْعةُ الإجابة وحُسْنُ المُعاونة ويقال: ما لي عنْدَه جاهٌ ولا لي عليه قاهٌ أَي طاعةٌ، وقال الأَصمعي: القاهُ والأَقْهُ الطاعةُ. وقال ابن سيده والقاهُ سُرْعةُ الإجابةِ في الأَكل.