ضمن الندوة العلمية التي ينظمها قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود ألقى الأستاذ الدكتور محمد الهدلق محاضرة حول موقف أبي تمام من عمود الشعر العربي القديم، وابتدأ بحديث مستفيض عن تاريخ الشعر العربي ابتداء من وجود الشعر قبل الجاهلية، وعن ما آل إليه في العصر الجاهلي والمعلقات الشعرية ومكانتها، وبعد ذلك موقف الإسلام من الشعر وحال الشعر آنذاك، وأن البداية القوية انطلقت من الدولة الأموية..
ومن ثم عرض للشعر العربي البدوي والشعر الحضري وتأثر كل بظروفه المحيطة به واستمداد الشعر أدواته ومفرداته من الصحراء أو الحاضرة.. لذلك أتى الشعر البدوي جزلاً ووحشياً وليس ذلك عن قصد وإنما هو طبيعة، وثم عرض لبعض مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية ممن تأثر بالظروف الجديدة المترفة فنظموا شعراً يناسب تلك البيئة..
وبعدها تحدث المحاضر عن القصيدة العربية الأنموذج التي تطرق لها ابن قتيبة وعن كونه أول من ألفت إليها، وعن قيمة غرض المدح وأن الإعلاء من شأنه تسبب في حط الأغراض الشعرية الأخرى.
وانتقل إلى أبي تمام، وكيف أنه كان متمكناً من الشعر العربي القديم عالماً به، وذلك جلي في كتبه واختياراته التي أعجبت أشد المعترضين على توجهه الجديد، وكانت من سمات التجديد الذي أتى به إكثاره من المحسنات البديعية فلا يكاد ينظم بيتاً إلا وفيه شيء من المحسنات، لذلك صدرت آراء تتهمه بالخروج عن طريقة العرب، ومن أهم تلك الأصوات الآمدي في كتابه الموازنة حيث كان متحاملاً على أبي تمام، وباحثاً عما يعتقد أنه خروج عن كلام العرب، وركز المحاضر على هذا الجانب، حيث بيّن أن أبا تمام لم يكن مختصاً بالخروج على طريقة العرب، وإنما كان يأتي إلى القليل الشاذ فيستعمله، ولم يختلق طريقة خاصة به، إلا أن الآمدي يجمع من شعره ما يظنه خروجاً ليشهر به، ويتنقص من شعره أمام الملأ، عالماً بأن أبا تمام يتتبع الشاذ من كلام العرب - وحسب -، لكنه يغض الطرف عن ذلك ليحقق غايته التي ارتآها.
واختتم حديثه عن بديهة أبي تمام المشهورة وكيف أنها قدمت شعره..
حظيت المحاضرة بمداخلات قيمة من الحضور، وأدار المحاضرة الدكتور حافظ مغربي..
