تأسست جمعية الناشرين السعوديين قبل حوالي أربع سنوات، وتهدف هذه الجمعية كما جاء في بنود لائحة تأسيسها إلى رفع مستوى مهنة النشر في المملكة وتوسيع نطاق انتشار الكتاب السعودي محلياً وعربياً وتشجيع ترجمته إلى لغات أجنبية وغيرها من الأهداف التي تصل إلى سبعة عشر بنداً ترعى من خلالها مصالح أعضاء الناشرين والدفاع عن حقوقهم الأدبية والنظامية داخل المملكة وخارجها، أما المتلقي والقارئ فقد تجاهلته الجمعية ولا يهمها كسب وده بقدر الاهتمام المادي في تحقيق وحماية مكاسبها. وقد تفاجأ المشهد الثقافي في نهاية الشهر المنصرم حينما انتخبت الجمعية أعضاء مجلس إدارتها للدورة الثانية (2008- 2011) بالأرقام المتواضعة جداً لميزانيتها وفي بداية ذلك الاجتماع تحدث أحد أعضاء الجمعية عن إنجازات الدورة الماضية - ونتحفظ عن كلمة (إنجازات) - من خلال كشف الحساب الذي قدّمه للجمعية ويبدو أن الجمعية تحتاج إلى أربعين أو أربع مئة سنة لتحقيق أهدافها يتضح ذلك من خلال ضحالة الأرقام في عدد منتسبيها الذي لا يتجاوز ثمانين مكتبة من بين عشرة آلاف مكتبة على مستوى المملكة وأضحت خزينتها خاوية من الأرقام الفلكية -كما يتوقّع - وبلغت ميزانيتها السنوية مئتي ألف ريال (!) تحصلت تلك المبالغ من خلال رسوم الاشتراك والانتساب وقد تذمر الحاضرون من قلة المنتسبين وبخل المكتبيين على هذه الجمعية الناشئة وتركّزت تعليقات أعضاء الجمعية في ذاك الاجتماع على ضرورة مناشدة الوجهاء ورجال الأعمال لدعم الجمعية، وعجبي من تلك المناشدة، إذ إن بعض كبريات المكتبات في العاصمة وربما جلها بيد رجال الأعمال ونتساءل حقاً: هل هم عاجزون عن دعم جمعيتهم الوليدة بما أفاء الله عليهم من نعم أم أن تلك الجمعية لم تلق بعد استحسانهم وأضحت للوجاهة الإعلامية لا أكثر ولا أقل يتبادلون فيها الابتسامات وأكل الحلوى كل أربع سنوات ويفترض في تلك الجمعية أن تضطلع بمسئولياتها تجاه القارئ الذي لولا وجوده لبارت سلعهم، فالمشهد الثقافي ينتظر منها أن تقوم بطباعة ونشر الإبداع المحلي بدلاً من استحواذ مكتبات بيروت والقاهرة وقبرص على النصيب الأكبر من نشر الإبداعات المحلية نثراً وشعراً.
(راجع حركة النشر السعودي في الملف ص17-22)
كما تتعامل الجمعية مع الأحداث برؤية تقليدية من ثمانينات القرن المنصرم ونسيت وربما تناست أن القارئ - بفضل الثورة الهائلة في الاتصالات والوسائل الإعلامية - قادر على الوصول للكتاب بأقل التكاليف وأيسر الطرق وربما ساعدهم في ذلك قراصنة الكتب الذين يوفورن الكتب بدراهم معدودات من خلال النسخ المزيفة وقد يجد البعض لهم عذراً في ذلك أمام تعنت بعض المكتبات وإصرارها على المبالغة في بيع تلك الكتب.