أعجبني مقال جيد جدا في المجلة الثقافية على صفحتها التاسعة من العدد رقم 245 في 22-4- 1429هـ الموافق 28-4-2008م للأخت السيدة زينب الخضيري بعنوان (مواجهة شرسة مع الواقع).
وبما أن المقال يتعلق بشأن مهم من شؤون حياتنا، وهي الجامعات وما يتعلق بها. وقد أحسنت الكاتبة في بيان ما تراه حول هذا الموضوع بطريقة جذابة وبفكر مملوء بالمعرفة الخاصة بحقائق وخصائص هذا المجال، وهذا ما جعلني أقرأه كاملا. وأرجو من الله تعالى أن يوفق جميع المسؤولين عن جامعاتنا وكل مؤسساتنا التعليمية وأن يرشدهم إلى ما هو أرقى وأبقى.
وبما أن النص له علاقة بالعلم والتعليم فقد لفت انتباهي إلى أخطائنا اللغوية الكثيرة التي أصبحنا نقع فيها الآن ولا يكاد ينجو منها أحد، سواء في الكتابة أو في الحديث. ومن تلك الأخطاء خطآن أخذتهما من ذلك النص وهما:
1- الخلط بين ضمير الجميع للغائب العاقل ومثله لغير العاقل.
2- الخلط بين حرفي الجر (في، ب).
أما رقم 1 فهو - حسب فهمي - حديث، إذ إني لم ألحظه إلا قريبا، وهو ما سوف أتكلم عنه هنا، أما رقم 2 فهو قديم وسوف أترك الكلام عنه إلى وقت لاحق بإذن الله تعالى.
والحديث عن ضمير الجمع للغائب العاقل ومثله لغير العاقل في اللغة العربية وسبب الخلط بينهما - حسب رأيي - يعود إلى تطبيق قواعد اللغة الإنكليزية على العربية وبالعكس. وقد سبق أن كتبت عن هذا وضربت له أمثلة كثيرة والآن وللذكرى أكتفي بمثالين اثنين فقط، أحدهما يمثل ما أدخلناه من العربية على الإنكليزية وهي لا تعرفه، والآخر يمثل ما أدخلناه من الإنكليزية على العربية وهي لا تعرفه أيضا.
والمثال الأول يمثل كلمة (السلام) هذه الكلمة فيها (لام شمسية) واللغة الإنكليزية لا تعرف اللام الشمسية ولكننا إذا أردنا أن نكتب نصا إنكليزيا واحتجنا أن نكتب هذه الكلمة بنطقها العربي لأنها في ذلك نص تمثل اسما علما، فإننا نكتبها هكذا (AL-Salam) وهذا خطأ، والصحيح (Assalam) لأن القاعدة عندهم تقول الحرف المشدد (Stressed) يضاعف.
أما المثال الثاني الذي يدخل من الإنكليزية على العربية وهي لا تعرفه فهو مثل كلمة(Dodge) وهذه الكلمة في وسطنها حرف(D) يكتب ولا يقرأ ويسمى حرف صامت والقاعدة في الإنكليزية تقضي بكتابته، وعلى هذا الأساس فإننا إذا أردنا كتابته بالعربية كتبنا (دودج) بينما الصحيح أن العربية لا تعرف الحرف الصامت ولذا فإن كتابته الصحيحة حسب نطقه الأصلي هي (دج) فقط حرفان دال مضمومة وجيم مشددة. وعلى هذا قس أشياء كثيرة بين اللغتين.
ومن هنا أعود إلى موضوع الأساس لكتابتي هذه وهو ضمير الجمع للغائب والخلط فيه بينما يعود على العاقل وما يعود على غير العاقل، فأقول وبالله التوفيق وباختصار شديد حتى لا تضيع الفائدة بسبب الإطالة:
(إذا أردنا أن تتكلم عن الجمع الغائب لغير العاقل - سواء كان مذكرا أو مؤنثا وفي جميع أحواله - فنتكلم عنه وكأننا نتكلم عن المفردة الغائبة العاقلة).
والمقصود بالعاقل هو الإنسان والجان والملائكة وما في حكمهم. أما غير العاقل فهو الجماد عامة والحيوان والطير والأسماك والضفادع والحشرات وكل ما في حكمها:
الأمثلة:
1- نقول عن الجبال: الجبال أرساها والجبال تمتد من... إلى...
ولا نقول: الجبال أرساهم والجبال يمتدون من... إلى...
2- نقول عن الأغنام: الأغنام نرعاها والأغنام ترعى.
ولا نقول الأغنام نرعاهم والأغنام يرعون.
3- نقول: من هذا المنطلق فإن الحاضر والمستقبل والماضي لا تختلف في مستوى الأهمية.
ولا نقول: من هذا المنطلق فإن الحاضر والمستقبل والماضي لا يختلفون في مستوى الأهمية.
(وهذا المثال مأخوذ من مقال الأخت الفاضلة في سطره الثاني من الأول)
وقد قلت آنفا إن من أسباب الأخطاء هو الخلط بين قواعد العربية والإنكليزية وإليك الأمثلة على أسباب الخلط والضمائر:
1- هنا الحديث عن رجال
1- I Saw them there
2-هنا الحديث عن نساء
2- I Saw them there
3-هنا الحديث عن براميل
3- I Saw them there
من هذه الأمثلة نلاحظ أن الضمير في الإنكليزية واحد، وفي الحالات الثلاث وهذا من عيوب اللغة الإنكليزية، وما أكثر عيوبها التي لا يمكن حصرها في مقال مثل هذا. وقد أثبت هذا أمام مجموعة من أهلها وفي بلدها واعترفوا جميعا أن انتشارها عالميا ليس لحسنها وكمالها ولكن ذلك بسبب جهود كبيرة عملت، وعززها في حينها عدة عوامل، مثل توسع بريطانيا في ذلك الوقت ومثل تقدمها العلمي، حتى أصبحت الجهود التي تبذل لها من غير أهلها أكبر وأعظم مما يبذله أهلها.
أما إذا ترجمت الأمثلة أعلاه إلى العربية فإن كل جملة تأخذ ضميرها الخاص بها فنقول:
1- رأيتهم هناك.
2- رأيتهن هناك.
3- رأيتها هناك.
والدليل القاطع على أن هذا من تأثير اللغة الإنكليزية أنه إذا رجع أحدنا إلى ذاكرته واستعاد منها أي حديث لشخص أمي لم يعرف التعلم أبدا، لوجد أن ذلك الشخص ما كان يخلط في حديثه عن الجمال والأغنام والمراعي والموارد وبين حديثه عن البشر.
إذن لماذا جرفنا التيار البسيط؟
أليس ذلك دليلا واضحا على ضعفنا في لغتنا، فقبلنا ما نقله لنا من تأثر من قبلنا، بدون أي تمييز بين صحيحه وغثائه.