اطلعت على مقال في صفحة فضاءات للكاتبة سهام القحطاني بعنوان (هل أضر بالثقافة السعودية؟ أتعبت النقاد بعدك يا الغذامي (!)
عجبت من العنوان إلى نهاية المقال فمن بوابة العنوان حيث كسرت أعناق النحو وتعريف المعرف ونداء من دخل عليه (ال) ولم تأت الكاتبة بأيها للمذكر.. على أية حال سوف لا أقف طويلا على قواعد اللغة.
(فما على الغازلة أن تعرب)..
سوف أدلف لتحديد الرد في خمس نقاط كما جاء في المقال (1) ذكرت الكاتبة ان الغذامي لا يستوعب قيمة المرجعيات التي تبني عليها هوية الأفراد (2) وأنه أنكر هوية الفرد السعودي في البنيوية وأثبتها في النسق (3) وأنه في مسألة التأثير والتأثر على الأجيال القادمة تحتاج الى مسح وبما أن المسلح لم يتوفر فإن التأثير ينعدم (4) وأنه لم يعد القائد للمشهد الثقافي كما كان في الثمانينيات (5) أن الغذامي فشل في إنجاز مشروعه النقدي فقال بموت النقد الأدبي والاتجاه الى النقد الثقافي.
وبعد التلخيص يأتي التوضيح:
قولك أيتها الكاتبة إن الغذامي لا يستوعب المرجعيات فسوف أحيلك الى مقال الغذامي يوم الخميس الموافق 22- 5-2008م في جريدة الرياض بعنوان (القبيلة والمجتمع والمرجعيات) فقد قسم المرجعيات الى مرجعيات أصولية وقبائلية وعرقية وطائفية ومذهبية وطالب الغذامي من المجتمع بإلغاء كل المرجعيات والبقاء على مرجعية واحدة ألا وهي مرجعية المساواة والعدل النابعة من عرف الدين بما يتناسب مع مرجعية الاعتقاد.
وبالسماع للمهمشين من البدو والفقراء لدخولهم في النسق العام كما فعل الملك عبدالعزيز بعد فتح الرياض حتى نقلل الفجوة بين ما هو ثقافي وما هو عنصري انحيازي، كما أوعز الغذامي إلى أن هناك أربع نقاط كانت سببا في تجذر هذه الأصوليات في النسق العام (1) الخوف المطلق والأسطوري (2) سقوط الطبقة المتوسطة من المجتمع (3) انهيار المشروع القومي في التعليم (4) نسقية الثقافات من حيث التكوين والأصل التي تميز على أساس العرق أو اللون أو الجنس وليس على (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ولا (كلكم سواسية كأسنان المشط) وأعتقد ان الكاتبة وقعت في ذلك عندما أرسلت لي ايميلا تقول فيه (لا أثق ولا أعترف برأي الوافد العربي المثقف) (وكأننا من طينة الخبال) وأحالتني الكاتبة على مقال لها يحمل عنوان المثقف العربي الوافد، تم نشره في صحيفتكم وتم الرد عليه من الشاعر/ عبدالله السمطي، واخذت تمارس دور العنصرية والإقصاء في كل رأي دون مبرر منطقي او مصوغ مادي وإنما مارست العمى العنصري والانحيازي المخالف لمنطق الدين والعقل وأردفت الكاتبة بقولها: إن الغذامي أنكر هوية الفرد السعودي في البنيوية وأثبتها في النسق فكيف ينكر الغذامي ذاته وهو القائل في كتابه الخطيئة والتكفير (تحيرت أمام نفسي وأمام موضوعي ورحت أبحث عن نموذج استظل بظله محتميا بهذا الظل عن وهج المصطرع في النفس لكي لا أجتر أعشاب الأمس وأطلب التمر الى هجر فوجدت منهجي ووجدت نفسي وامتطيت صهوته امتطاء الفارس للجواد الأصيل) الى ان قال (وخير وسيلة للنظر الى حركة النص الأدبي وسبل تحرره هو الانطلاق من مصدره اللغوي) أليس هذا هو منهج البنيوية الذي طبقه علي حمزة شحاتة في نفس الكتاب أوليس عبدالله الغذامي وحمزة شحاتة سعوديين!! والرجل قد أخذ من دي سوسير ورومان ياكوبسون وجاك لا كان وجان دريدا وكان مرجعه العربي ابن جني والقرطاجي وعبدالقاهر الجرجاني الذي قال عنه أنه أسس وعرف البنيوية قبل شتراوس ودي سوسير وبذلك يكون الغذامي قد جعل البنيوية كاتجاه نقدي وطبقه في نموذج حمزة شحاته، ويكون قد فتح فتحا عظيما للنسق المغلق عبر النقد الثقافي فقد عاب على السميائية والتفكيكية كاتجاهين تدعوان الى تقويض النسق وتهميشه (3) أما في مسألة التأثير والتأثر فأنصح الكاتبة بقراءة كتاب التجربة الشعرية الحديثة في المملكة العربية السعودية تأليف دكتور محمد صالح الشنطي، وحكاية الحداثة من موقع الغذامي؛ فقد ذكر الغذامي أجيال التأثير والتأثر من أمثال غازي القصيبي ومحمد العلي ومنصور الحازمي وسعد الحميدين وأحمد أبو دهمان ومعجب الزهراني ومعجب العدواني وكان الناتج من هذه الأسماء ظهور الملاحق الثقافية، وكان أول ملحق ثقافي للجريدة الجزيرة الذي تولى الاشراف عليه الدكتور أحمد خالد البدلي في بداية السبعينيات وفي النقد منصور الحازمي والدكتور محمد الشامخ وفي الشعر كان سعد الحميدين وعلي الدميني وفوزية ابو خالد ومحمد الثبيتي، ومحمد الحربي وأحمد الصالح (مسافر)..
أليس هذا يكفي في مسألة التأثير والتأثر من والى الغذامي وأما قضية المسح على الخفين ومسح البشوت والكتوف والبلاط والمسح الشامل في عملية التأثير والتأثر على الجيلين فهناك كتاب للدكتور/ نذير العظمة عن اشكاليات الغموض في الشعر السعودي من إصدارات نادي جدة الأدبي فيه الإفادة والرد بقول المؤلف (فقد كان الغذامي وما يزال الحلقة الفاعلة والأقوى والنموذج الفارس في الميدان بجانب غازي القصيبي وعبدالله عبدالجبار وعبدالكريم الجهيمان ومحمد العلي ومنصور الحازمي وسعد الحميدين وسعد البازعي وميجان الرويلي هم الذين شكلوا الوعي الثقافي واسهامات الثقافة السعودية المعاصرة) ولذا أضع الكاتبة أمام ما يجب ان يتوفر في الناقد الموضوعي أمام نص أدبي او شخصية عامة ان يتسلح الناقد بالقراءة الواعية بعيدا عن الأحكام المسبقة او جوقة المجالس، وأن يكون على دراية باللغة والتراث والنظريات الحديثة ليعمل على إحداث قدر من التوازن بين الاتجاهات التقليدية والاتجاهات الحديثة حتى يحافظ على عملية النقد ليفتح شرنقة للنقد الداخلي ويقدر البعد الايديولوجي والنفسي للنص، وأن يكون للناقد هويته الذاتية المتسلحة بالعلم لا التطبيق الأصم والتطبيل الأهبل لقوالب نقدية معدة سلفا جعلت مساحة النقد العلمي مباحة لأدعياء النقد.
نظرة:
(لكل أذن كلمة ولعل أذنك ليست لكلمات فللمتلقي تكون)
لا أدري أكان الشاعر العربي (أبو القاسم الشابي) محقا حين قال:
وأطرقت أصغي لقصف الرعود
وعزف الرياح ووقع المطر
وقالت لي الأرض لما سألت
يا أم هل تكرهين البشر؟؟
أبارك في الناس أهل الطموح
ومن يستلذ ركوب الخطر
ولكن أين قصف الرعود وعزف الرياح وقول الأرض وطموح الغير لم يبق فينا إلا كراهية البشر
المراجع:
عبدالله الغذامي
1- الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية
2- حكاية الحداثة
3- القصيدة والنص المضاد
4- التجربة الشعية الحديثة في المملكة العربية السعودية - د. محمد الشنطي
5- اشكاليات الغموض في الشعر السعودي د. نذير العظمة
6- جريدة الرياض
عمر محفوظ الصعيدي
كلية دار العلوم - جامعة المنيا - مصر