لا تبتعد الأحساء كثيراً عن الدمام أو الخبر لكن فنانيها هم المبتعدون، الأحساء من أوائل المدن السعودية التي أنشئ فيها فرع لجمعية الثقافة والفنون، بل وهي إحدى العوامل التأسيسية لهذه الجمعية، فأبناؤها الفنانون من ممثلين وموسيقيين ورسامين هم من بنى أول مقر للجمعية بسواعدهم وحماسهم وحبهم للفن.
أول المعارض التي أقامها الفرع كان معرضاً بسيطاً للفنان محمد الصندل وعبدالرحمن الخميس وعبدالرحمن المريخي وكان ذلك في العام 1973 تقريباً من بين هؤلاء الثلاثة استمر الصندل متقطعاً في مشاركاته قليلاً في إنتاجه ورأس قسم الفنون التشكيلية في الجمعية منذ إنشائها إلى فترة قريبة سلّم فيها العهدة إلى الفنان (محمد الحمد).
في العام 1979 أقامت الجمعية معرضاً شخصياً للفنان عبدالحميد البقشي الذي لا يُعرف خاصة في الأحساء والمنطقة الشرقية عامة لكن هذا الفنان المثير انقطع لأكثر من عشرة أعوام عن الساحة، جزء كبير منها قضاه في الولايات المتحدة الأمريكية دارساً الفن، وتواصل توقفه عن المشاركات إلا على نحو متفرق خاصة تلك المعارض التي تقيمها المدارس التي يعمل فيها، البقشي تقاعد مؤخراً، كان يقول: إن التقاعد سيساعده على إتاحة وقت أكبر للممارسة الفنية والإعداد لمعرض منتظر منذ أكثر من عقد من الزمان، لكن البقشي كثيراً ما يجيد التبريرات للتخلص من المواقف التي تتطلب منه المشاركة أو سؤاله عما إذا كان يرسم.
تربط أبناء الأحساء التشكيليين علاقة أسّسها مكتب رعاية الشباب منذ السبعينيات عندما كان يقيم المعارض للفنانين التشكيليين من أبناء الشرقية والأحساء وكان ينقل المعارض من الدمام إلى الأحساء وكانت الصلة تتقوى في كل معرض، لكن بروز النشاط التشكيلي عن طريق مكتب الأحساء حد من تحرك الرسامين والاكتفاء بالمعارض المحلية، ومع وجود جمعية الثقافة والفنون في المدينتين ازداد التعاون والتعارف وكان أن أقيم في الثمانينيات معرض مشترك لفنانين من الأحساء والشرقية والطائف، وعندما ظهرت أنشطة جماعة الفنون التشكيلية في مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف انضم لها بعض من التشكيليين الأحسائيين وشاركوا في بعض معارضها، وفنانو الأحساء مصاب عدد منهم بنوع من الإحباط لأسباب كثيرة ليس أولها أن المدينة على قدم الفن فيها وقدم المشتغلين فيه ووجود جمهور يتابع لا توجد قاعة عرض واحدة، والمعارض عامة تقام إما في مقار الجهات المنظمة كمكتب رعاية الشباب أو جمعية الثقافة والفنون وهذه الأماكن بسيطة وتجهيزاتها الفنية محدودة، وقد استضاف مقر بلدية الأحساء بعض الأنشطة التشكيلية وأعتقد أن البلدية أكثر الجهات القادرة على توفير قاعة عرض مناسبة سواء بالقرب من مقرها أو في أي مكان آخر من أملاكها. وبلدية الأحساء أراها من أنشط البلديات شاهدت قبل أيام عدة مجسمات جمالية منصوبة في بعض الميادين أو الحدائق وهي خطوات جديدة وجديرة بالتشجيع فقبل أكثر من عام التقى نائب رئيس البلدية المهندس عبدالله العرفج بفناني الأحساء وتحدث معهم عن إمكانية تقديم تصميمات ومجسمات جمالية خاصة أن هذه المدينة مقبلة على مشاريع تخطيطية جديدة ولا أعرف مقدار استجابة الفنانين لتلك الرغبة، وكان الفنان أحمد المغلوث جاهزاً بعدد من الأعمال التي يجاهد لتنفيذها في المدينة وكان بينها بعض المباني أو الأشكال المعروفة.
الفنانون في الأحساء كثر يمثلون عدة أجيال وأعمالهم تمثل توجهات مختلفة شكل قليل منهم حضوراً على المستوى المحلي وتميز الآخر في حدود ما يراه هو لنفسه فمن الصندل إلى أحمد السبت إلى المغلوث إلى البقشي فالحمد والحافظ وعبد رب النبي والحميدي والحسين والوايل وتغريد البقشي وأسماء أخرى كثيرة معظمها من الشابات أو الشباب الذي يجتهد ساعياً لتثبيت اسمه، لكني مع ذلك أرى أن التوقف عند محطة هذه المدينة والاكتفاء بالأنشطة المحدودة فيها لن تقدم للفنانين أي موقع على خارطة التشكيل في المملكة، وبالتالي فالحضور المحلي يعني العمل بجد ومثابرة والخروج من إطار المدينة للعرض والاحتكاك والتعارف خارجها.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244
- الدمام
aalsoliman@hotmail.com