-1-
الليل يجثم على الكل.. فلا أحد يرغب في الحديث هذه الليلة!..
وحدها تتكئ على قلبي بلا هوادة.. ولا يسوقنا الألم بقدر ما يحرقنا الانتظار!!..
إذ ليس أقسى ولا أحمق من انتظار المصادفات!!..
منذ فترة بسيطة لاحظت أنني أصبحت أستطيع الالتفاف على كل وعودي معها دون الشعور بأدنى ذنب..! لكن الليلة لا أحد سواها يخونني بهكذا فقد.. وهكذا بعد!.
أزيح بيدي خصلات شعرها وحرارة أنفاسها تلهب رغبتي في المصادفة.. أتأكد من نوم الجميع، وغفلة البعض الآخر فأقرر التمادي.. اقتربت مرارا وقد خيل لي أن الجميع يراقبني في دهشة ولكن لم يتدخل أحد.. وحدي كنت أعرف السبب..! ولماذا لم يتدخل أحد..! تصفعني الذكرى في مرارة ساخرة من موقف قديم.. أجتر خيبتي وأمد عيني في العتمة إلا ما لا نهاية.. ألم أقل لكم كم هو الليل أناني وكتوم!..
-2-
(أصابع يديك ليست سواء.. أنظر إليها)!..
ولكنني أنظر إليها بالفعل!.. ولكن ليس إليه..! تعبت من كثرة الإيماء بالموافقة وأنا أواصل السقوط في قطع الليل المظلم.. عاهدت نفسي قبل فترة ألا أسافر في ليلة ظلماء واستثنيت المقمرة مستندا على خيالات رومانسية قديمة أعرف أنني لم أعد قادرا على مجاراتها بعد كل ما حدث!..
أما ماذا حدث.. فلا شيء تقريبا.. سوى أحلام مهاجرة، وقلوب لم تعد تعرف ما الذي سيرضيها!.. تصطنع العفاف وتسقط في دوامة أول حدقة ساحرة!.
لا يمكن له أن يدرك أنني لم أعد أتطلع إلى أصابع يديه وأنها ليست سواء فهو مسترسل إلى ما لا نهاية.. كلانا ارتضى القليل من الآخر.. القليل من الكذب.. لا بأس بما يمكن احتماله حتى نعبر دهاليز الليل في عالم مضن.. كم هو مرهق بلا هوادة في غيابها..! احترت: ليتها هنا..!، وليتها لا ترى خيانتي!..
-3-
التقت عينانا بلا معنى.. لا تغيب شرقيتي غالبا في هذه المواقف!.. من الارتباك ضغطت زر استدعائها وأنا أقصد المزيد من الضوء لأرى في وضح النهار..! لم يضحك أحد وليتهم فعلوا لأشاركهم وأتنفس لطرفة سمجة لم يضحك لها أحد سوى قائلها!..
التقط بخفة ثلاث صحف وسط دهشة الجميع.. أخفى وجهه العاري من الملامح وسط أحدها.. فيما اهتزت الطائرة في عنف مفاجئ أسقط القلوب وأطلق بقايا الإيمان والابتهالات في خشوع عجيب!
وحدها بقيت صامتة.. أغالب خوفي الفطري وأعانق أحلامها التي بدت لي كسحب نقية تسبح في اللا نهاية..
أيقظتني رؤاها معاتية من جديد. أفرك عيني وأتلو نفس الاعتذارات ونظراتها المكذبة تسحق كل اختباءاتي. من نافذتي الصغيرة رأيت القمر ناثرا نقاءاته على تلك الوسادات البيضاء والليل لا يجرؤ على الحراك.