(منبر الحوار) النشاط الأبرز في أدبي الرياض وهو الذي يحظى باهتمام جيد أحياناً وممتاز أحياناً أخرى من قبل المتابعين حتى إن القائمين على النادي يراهنون عليه ويفخرون به ويستشهدون بكثافة الحضور فيه.
هذا المنبر استطاع كسب احترام وثقة الحضور، ومعده ومقدمه الأستاذ محمد الهويمل استطاع لفت النظر إليه بنجاحاته الكبيرة التي يحققها.. وهو من جانبه يدين بالفضل لرئاسة النادي وعلى رأس هرمها الدكتور سعد البازعي.
في هذه المساحة نصحب (منبر الحوار) ونفصل الحديث فيما له وما عليه غير منكرين النجاح الجميل الذي يحققه. وسنتخذ من حلقته (فروسية الشاشة) نموذجاً للاستشهاد والعرض.
الاسم
من ناحية كونه منبراً فهذا أمر لا خلاف فيه ولا يهمنا، ولكن ما يعنينا هو الجزء الثاني من الاسم (الحوار) فهو غير متوفر بقدر كاف يكفل صحة الاسم، فهذا النشاط قائم على ضيف متحدث معظم الوقت والبقية مستمعون ولا يتم الحوار بينهم إلا في نهاية الحلقة في وقت لا يزيد عن نصف ساعة غالباً.. وهذا الوقت ليس مسوغاً جيداً لقبول الاسم. والأستاذ محمد الهويمل لا يعجزه البحث عن اسم بديل إن اقتنع بالفكرة.
التوقيت
كان النشاط قائماً كل يوم أحد، وكان الحضور كبيراً حد امتلاء القاعة، ولكن الأستاذ محمد الهويمل احترم وجود أحديات ثقافية في الرياض ولئلا تضيع فرصة الاستفادة منها حول النشاط اليوم السبت آملاً أن يساهم بشكل إيجابي في الحراك الثقافي لديه ولدى سواه لكننا ورغم نبل هذا التحول نجد أن تبعاته كانت سيئة وانعكاساته كانت سلبية؛ فالحضور تقلص عددهم كثيراً لأن السبت لا يناسب معظم المهتمين.
الإدارة
الهويمل بارع في إدارة برنامجه وضبطه وضبط وقته وحتى عندما يسترسل أحد الضيوف في الحديث فإن الهويمل يطلب منه الاختصار بدعابة أحياناً وبرجاء لطيف أحياناً أخرى وهو بهذا يضبط فقرات برنامجه ويسيطر على توزيع الوقت فيه وهي مزية تحسب له كما يحسب له حسن استخدام الوسيلة في تحقيق هدفه.
الاستعداد
يبدو هذا النشاط غير مستعد تقنياً بشكل جيد فتقنيات الصوت ضعيفة وكثيراً ما أحرجت المقدم والضيوف وجعلتنا نبقى بضع دقائق منتظرين غير عالمين بما سيحدث وفي مرات استغنى المداخلون عن هذه التقنية وتحدثوا مكتفين برفع مستوى أصواتهم بعد أن قرروا الاستغناء عن هذه الخدمة لعدم استجابتها.. وهذا أمر تقع تبعته على النادي بالدرجة الأولى، لكن الهويمل ليس بمنأى عن اللوم كونه المعد والمقدم ويجب عليه التدخل إيجاباً لتلافي مثل هذا الخدش البسيط على جماليات لوحته؛ لأن كل ما يحدث سلباً وإيجاباً يحسب له أو عليه كما يحسب للنادي وعليه.
من جهة أخرى فالحضور أحياناً يكون كبيراً لكن استعدادات النادي دون المستوى إذ تنجح عندما يكون الحضور قليلاً أو متوسطاً لكن عندما يقبل الحضور بكثافة فلا يوجد المكان الكافي لاستيعابهم وكثيراً ما احتجنا لمقاعد إضافية غير مريحة، واضطررنا مكرهين على البقاء والإنصات وهذا يتطلب تغيير القاعة واللجوء إلى قاعة أكبر.
اختيار الضيوف
يتم اختيارهم بذكاء كبير وفق ما يخدم حلقته ففالح العجمي وحمزة المزيني ومحمد الحضيف وناصر الحجيلان وعبدالله البريدي مثلا كانوا ضيوفاً مثيرين، وفي حلقتنا استضاف الأستاذين عبدالعزيز العيد وماجد الحجيلان وهما ضيفان لهما حضور شهي خلف الشاشة وقبول كبير من المشاهدين، ولذا كان اختيارهما مميزاً في حلقة فروسية الشاشة.
الطرح وعدد الضيوف
عندما يكون الضيف وحيداً فإنه يتحدث عن كل شيء ويفصل وفق ما يحلو له وهذا أمر يسيرٌ ترتيبه وتنسيقه.. لكن عندما يستقبل ضيفين معا فلا بد من تقاسم الطرح وتوزيعه ومنبر الحوار هو وضيوفه بارعون في هذا.. فالتقسيم يكون عادلاً ومناسباً لكل ضيف وفي حلقة فروسية الشاشة تحدث العيد عن صفات المذيع الفارس وفصل القول فيها كالثبات والجرأة والثقة كما أشار لوجوب استعداده لأي ظرف مفاجئ وأي إضافة مفاجئة تطلب منه وفي تشبيه جميل بين أن الفارس مرتبط بجواده والمذيع مرتبط بالشاشة مؤكداً على ضرورة التدريب الجيد والممارسة التي تكفل سرعة الاستجابة لديه واستشهد بماجد الشبل على شاشة التلفزيون السعودي وبتركي الدخيل وبتال القوس، ولم يغفل عن ذكر بعض المذيعات الفارسات فذكر جيزيل خوري ومي شدياق.
الحجيلان بدوره تحدث عن البرامج الحوارية مبيناً أنها الرهان الأهم في كل قناة مهما كان تخصصها واتجاهها وكلما كان المضمون ثقيلاً كان البرنامج مثيراً، وكان إقبال المشاهدين كبيراً والمتابعة عالية وبحسب هذا الثقل تتميز القنوات وأشار إلى أنها عادة لا تقل عن ستين دقيقة لاحتياجها مساحة أكبر من الوقت كما أنها تعاد أكثر من مرة لأهميتها لدى المشاهد وحرصه على تتبعها وقراءة ما فيها بدقة ثم بين بعض الصفات التي يجب توافرها في مقدم الحلقات الحوارية مشيراً إلى عيوب تفسد الحلقة الحوارية ومنها التعالم إذ يظهر المقدم نفسه عالماً بكل إجابة لأسئلته وهو يسأل فقط من باب إعطاء الفرصة للحديث، كما أن بعض مقدميها يطرحون السؤال مصحوباً بإجابة يتضمنها ومثل بعد أمثلة أثارت ضحك الحضور مع إقرارهم بوجودها، ولأنه وصف الداء فلا بد من صفة الدواء ولذا قدم بعض التوصيات لمقدمي هذه الحلقات كالإعداد الجيد والهدوء وعدم الحماس لفكرة محددة والدفاع عنها واتهام ضدها وركز كثيراً على ضرورة عدم إملال المشاهد بسرد تفاصيل لا حاجة لها أو التركيز على فكرة لا تخدم الحلقة. وتحدث عن البرامج الثقافية في مقابلة البرامج الترفيهية مع ضرورة وجود قناة ثقافية تنافس قنوات المسابقات وتقي المثقفين تبعة البحث الشاق الذي لا ينجح دائماً وأكد أنها مطالبة يصر عليها كثير من الإعلاميين كفاروق شوشة. وكما نلحظ فقد اقتسم الضيفان جوانب الفكرة فالعيد تحدث عن صفات الفارس واستعداده للمفاجآت ومثل ببعض المذيعين وتحدث الحجيلان عن البرامج الحوارية وضرورة وجود قناة ثقافية، وكلاهما فصل القول فيما تحدث فيه وكان بارعاً في طرحه ومتمكناً.
المداخلات
يوزع الوقت بين المداخلات بالتساوي فلا يسمح عادة لأحد بالإطالة على حساب سواه كما يعطى الضيف وقتاً مقارباً للرد وهنا يتحقق (الحوار) الذي به تسمى هذا النشاط إذا كان غائباً في كل الوقت الذي مضى في حديث الضيف واستماع الحاضرين.. وفي حلقتنا تحدثت المداخلات عن أبرز الصفات الإيجابية لمقدمي البرامج وعن البرامج الأمريكية وعما تتميز به البرامج الحوارية من سرعة الوصول للمشاهد مع المتابعة الجيدة من قبل المتلقي وهي مداخلات تنم عن عمق جيد في المتابعة وكانت الردود واضحة شافية وهذه ولا شك نقطة تحسب لمنبر الحوار فالمداخلات تعد مكملاً جيداً للحلقة.
مع كل ما مر نحن سعداء جداً بالنجاح المشرق لأدبي الرياض ولمنبر الحوار ولمحمد الهويمل، ولكن تلك العيوب البسيطة كالاسم (منبر الحوار) وتقنيات الصوت وضعف الاستعداد بالمقاعد الكافية للحضور وهذه رغم أنها أشياء صغيرة إلا أنها تفسد جمال متعتنا وتلقينا.. والنجاح في الأمور العظيمة مع الإخفاق في الأمور التافهة يعد عيباً كبيراً فمن يطيق صعود الجبال لا يأبه لاعتلاء هضبة صغيرة.