إضاءة الفكر والوعي الإنساني في المجتمع من أهم مقومات الابتكار والإبداع، والبُعد المؤثر في الارتقاء بفعالياتها وتجلياتها المشرقة. والتوجهات الحكيمة التي نشهدها لدى القيادة السامية تطمح إلى توافر كل ما يرضي القناعات والرؤى الحضارية التي تحمل البشرى والخير والمصلحة والمنفعة للناس.
ولعل من أهم مراكز الإشراق الحضاري الاهتمام بالبنية الأساسية للمشروعات الفكرية والإبداعية، والعناية برعاية الأفكار الواعدة، والابتكارات الفذة، وتوفير الطاقات والإمكانات لتوكيد حضورها وتنمية توجهاتها؛ لتتمكن من التفرغ لخدمة الوطن والأمة والإنسانية.
ومنارة حضارية رائدة تتمثل في (النادي الأدبي) تبرز في موقع استراتيجي بالعاصمة الأثيرة (الرياض) هي مطمح كل مثقف ينتمي إلى هذا الكيان الشامخ (المملكة العربية السعودية)؛ ليكون مركزاً للإشعاع والتوعية والتثقيف، يجمع شتات الفعاليات الفكرية والثقافية المتناثرة في منابر التربية والتعليم في الجامعات والمعاهد والمدارس والأندية ذات الاختصاصات والمسارب المتنوعة.
وقد بزغ نجم (النادي الأدبي) في الرياض عام 1395هـ من مؤسسة تعنى بشؤون الثقافة والشباب هي (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) التي استطاعت على مدى قرابة ثلث قرن من الزمان أن ترعى شؤون الثقافة والأدب في هذا المركز الحضاري الثقافي إلى أن أُسند هذا الدور إلى (وزارة الثقافة والإعلام) التي كانت قنواتها - ولا تزال - تحتضن أشتاتاً من فعاليات الثقافة والإبداع ضمن مسؤولياتها المتراكمة، إلى جانب المؤسسات الأخرى متمثلة في الحرس الوطني ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ودارة الملك عبدالعزيز والمراكز والمكتبات الثقافية من خلال فعالياتها وبرامجها الثقافية والفكرية. وقد احتضن (النادي الأدبي) بين أعضاء مجلس إدارته وأعضائه نخبة من أطياف المجتمع من أكاديميين وأدباء ومثقفين وفنانين، أثبتوا حضورهم وتفاعلهم وفق ما توافر لهم من إمكانات محدودة.
وكانت (جمعية الثقافة والفنون) إلى جانب النادي الأدبي تحاولان إبراز النشاطات الأدبية والثقافية واستقطاب عناصرها عبر برنامجها المتناثر عبر فصول السنة وفق الإمكانات المحدودة بميزانيتها المقررة المحددة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، إلا أن الدعم يتفجر أحياناً في بعض المواسم مثل الغيث الذي لا يستمر هطوله. ويحظى عدد من الأدباء والمؤلفين بدعم من مرجعهم آنذاك (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) حتى انتقل الدور إلى (وزارة الثقافة والإعلام) التي تضاعفت مسؤولياتها، ولكن ما يطمح إليه هذا المنبر الأدبي والثقافي لا يزال محدوداً جداً، ولم يحظ بالدعم الذي حظيت به (النوادي الرياضية) التي قفزت قفزات قياسية في التطور والرعاية والاهتمام، يتضاءل عنده وضع النادي الأدبي.
وفي الآونة الأخيرة لوحظ تراجع نشاطات (النادي الأدبي بالرياض) وغيابه في زحمة وفود مهرجان التراث والثقافة ومعرض الكتاب الدولي وغيرهما حين كان من الأولى إثبات وجوده في هذه المناسبات الثقافية الحيوية المهمة؛ للالتحام بالحراك الثقافي والتمازج معه، والتألق في تجلياته، إلا أن ذلك لم يحدث بالمستوى المناسب المنسجم مع التطلعات للأسباب التالية:
أولاً: عدم توافر القاعة المناسبة لاستقبال الضيوف وإقامة النشاطات المنبرية.
ثانياً: عدم وجود (صالة نسائية مغلقة) لمتابعة الندوات والأمسيات.
ثالثاً: تواضع مستوى مكتبة النادي التي لم تعد تستوعب الحضور والقراء، ولا تلبي بوضعها الحالي متطلبات الاطلاع، والاستفادة من الكتب الموجودة.
المرئيات:
وانسجاماً مع توجهات الارتقاء والتحديث والرعاية لمعالم الوعي والثقافة والإبداع والابتكار آمل أن يحظى (النادي الأدبي بالرياض) بلفتة رائدة رائعة من المرافق المعنية ترتقي بوضعه الحالي إلى المستوى والمكانة اللائقة به، وذلك بالعمل على تدبير مقر مناسب في موقع ملائم تتوافر فيه مبررات الحضور والارتقاء ليسهم في صياغة الوعي الأمثل، وبعث النشاط الفكري والثقافي بما يحتضنه من كفاءات رائدة تدعم بالعناصر الإبداعية المؤهلة التي تستطيع اقتحام الساحة الراكدة بروائع العطاء الباذخ، والإنتاج الأمثل المعبر عن المستوى اللائق بمكانة المملكة، وأهمية هذه العاصمة الأثيرة المتدفقة بالنشاط والعمران في ميادينها ومساربها المختلفة؛ فهذا الصرح الفكري أهم في الحضور والتوعية والتأثير من كل النوادي المنتشرة في أنحاء المدينة العزيزة (الرياض).
ولم أرَ في عيوب الناس عيباً كعجز القادرين على التمام
- الرياض
http://www.alhumied.com