المكرم مدير التحرير للشؤون الثقافية
للمبدع في أي كان توجهه مكانة مرموقة و(كاريزما) معينة تسامق في علوها مع ما يتطلبه الظرف والمرحلة وقوة الأداء ونوعية الآلية المناسبة لذلك.. وقد يعيش متماهياً مع الوظيفة احترافاً وهواية لتحقيق ما هو الواجب فعله تجاه نواحيه الشخصية والاجتماعية، وقد تضطره الظروف المختلفة والشؤون المتغيرة إلى تصييره رهين المحبين ليس كأبي العلاء المعري البيت وفقدان البصر بل البيت أو محل عمله والوصول إلى نتيجة مبتغاة من خلال عمله المنوط به بما يجعله أحياناً منعزلاً أو مقلاً في تعاطيه مع الرسميات الشكلية الذاتية والمزاجية المجتمعية في آرائه وأفكاره.. فهو أي المبدع، أو الرمز المؤثر في الحياة بكل ألوانها وأطيافها له تركيبة سلوكية خاصة ومنظومة ممنهجة معقدة قد يعذر منها فيسلم وقد يقع فيها فيندم لتخلفه عن الركب وتباطؤ إنتاجه عن تحقيق المرجو منه.. وقد لا ترى اثنين يتشابهان في مجمل قضايا الإبداع أو النتاج الفكري أو التتابع المعرفي إلا في أعمال الذهن وتفعيل الخيال واستعمال أدوات الفن والتخصص.
ومن جراء القيام ببعض مهارات الإبداع والحراك الثقافي، وبفعل بعض الممارسات التي اعتاد عليها، ربما تغزوه الأمراض المتنوعة والوعكات الصحية المختلفة مما يجبره على التوقف والحذر.. وقد يكون بين أمرين فإن ضغط على نفسه وتغافل عن صحته حصل مالا يحمد عقباه وإن تابع مع ذاته وتعهد حالته النفسية والجسدية تعطل إنجازه وتأخر بعض الشيء عن موعده المحدد له والمتأمل منه.. ما لم تدخل قناعات أو صياغات تنقذ الموقف وتدفع به إلى الوقوف والنجاح.. وإيجاد الحلول التي تتناسب والمكانة الثقافية والحالة الفردية والاجتماعية للمبدع أو الرمز المحتفى به من جميع المعنيين والمهتمين بهذا الشأن. وها نحن أمام حالة من حالات الوسط الثقافي والأدبي خاصة إذ من المتأمل له أن يحدب المجتمع الإنساني قبل المهني عليها وينتشلها من هدأة الحاجة ومعترك الصراع، وقد ذكر في نشأتها ملحق المدينة (الأربعاء) بتاريخ 16-3-1428هـ في صفحتها الأخيرة (32) حملة لدعم الحميد يتولى موقع القصة العربية www.arabicrstory.net بقيادة القاص جبير المليحان وليلى الأحيدب حملة لدعم القاص جارالله الحميد الذي تعرض أخيراً لوعكة صحية حرجة تقتضي سفره العاجل إلى خارج البلاد لمواصلة العلاج بعد فشل علاجه بالداخل.. الخ. وقد ذكر الكاتب عبدالله الشباط في جريدة اليوم بعدد 12347 وتاريخ الخميس 17-3-1428هـ تحت عنوان (أنقذوا هذا الأديب) وقال فيما ذكر في مقالته: (وأثناء كتابة هذا التنويه خطر بذاكرتي موضوع صندوق الأدباء الذي سبق أن سمعنا عنه منذ مدة ولم نر له أي فاعلية.. وكان الأجدر أن يكون حاضراً في الموقع ليمد له يد المساعدة لإخواننا الأدباء الذين يحتاجون للعون في ظروف قاهرة مشابهة لهذا الظرف العصيب الذي يمر به أخونا جارالله الحميد.. وقد جاء هذا التنويه إثر رسالة تلقاها الكاتب الشباط عبر الجوال هذا نصها كما جاء في أول مقالته: (يعاني المبدع جارالله الحميد من وضع صحي حرج يتطلب عملية في الخارج لا يملك تكاليفها، وقد أطلقت شبكة القصة العربية حملة لدعمه.. وفي ظني أن مثل هذا الموضوع المرتبط بصندوق الأدباء يعود بنا إلى نوعية الاهتمام والعناية بالرمز أو المبدع سواء بمتابعة شؤونه الاجتماعية والفردية أو برعاية إنتاجه وحقوقه الفكرية والثقافية، وقد لا يتأتى إلا بوجود مؤسسة تعنى وتساند وتقف جنباً إلى جنب مع المبدع أو الشخصية المؤثرة في حياتنا المعرفية والسلوكية في شتى الاتجاهات والتوجهات، وقد تأخذ المؤسسة شكلا تنظيميا كالنادي أو المدرسة أو الحركة في أبعادها المتنوعة والمتعددة الجوانب والمسارات.. وقد تأخذ شكلاً رمزياً مجازياً يشترك في النشاط والفعاليات وقد يختلف في الاسم كالنقابة أو الجمعية أو الهيئة أو الرابطة الذي طالب بها عميد الرواية السعودية إبراهيم الناصر الحميدان وذلك بإنشاء رابطة للأدباء والكتاب السعوديين تدافع عن الأدباء وتحمل همومهم، ورأى ضرورة إلغاء الرقابة على الإبداع لأن الإبداع في رأيه نتاج وعي ومخزون فكري ومعرفي لا يستطيع الرقيب فهمه وذلك في المجلة الثقافية عدد 60 بتاريخ الاثنين 5-4-1425هـ وكذلك القاص محمد الشقحاء الذي طالب بتشكيل هيئة ثقافية ينضوي تحت مسماها المبدعون والكتاب وتكون موطناً وموئلاً مهماً لهم يتباحثون من خلالها ويرتمون بأحضانها من غدر الزمن أو وجهات النظر المختلفة أو المشكلات المتعددة التي من الغالب تطال المفكرين والمبدعين ومن سار في حقول ودروب هذا المجال الفكري والثقافي. وليس مبدعنا - الحميد - المعني الوحيد بل سبقه آخرون وربما يلحقه آخرون إذا لم يحظ الوسط الأدبي خاصة بأجناسه وتشعباته بما ذكره الكاتب - الشباط - من وجود الصندوق أو بما ذكره الرمزان الحميدان والشقحاء من وجود الرابطة أو الهيئة ويكون الصندوق متأسساً داخل أروقة ما يتحقق منهما ويظل المبدع واقفاً متماسكاً واثقاً من جهة الاهتمام به ذاتاً برفع معنوياته ومستواه المعرفي الذي يليق به.. وفرداً بما يحتاجه ويعينه كشخص مجتمعي يشعر بما يشعر به الناس ويتأثر بما يتأثرون به.. إلا أنه وطن نفسه في البحث والصبر في بحر الكلمة ومحيط المفاهيم والمسميات ودنيا الطروس والأقلام.. وكذلك الحقوق الإنتاجية والفكرية من كتب أو مقالات أو بحوث مشتركة من قبيل الدراسة والمناقشة بما يكفل الوجود الوظيفي والاحتراف المهني وعدم التجريح أو الإهانة.. ولعمري لا يمكن أن يرزح هذا الصندوق وتكون له الخدمات والفعاليات المطلوبة دونما مؤسسة ترعاه وتحافظ على مسؤولياته ورسمياته.. فنأمل ذلك وبسرعة وأيدينا مع كل من طالب به أو حتى من أزجاه مع رجاء وتمني بتمثيله ولو بعد حين. والسلام.
واصل عبدالله البوخضر - الأحساء