دق النسيم نافذتي، استأذن بالدخول ومن دون أي إذن مني تجول في أركان غرفتي ومن ثم في خلجات نفسي، ملأ صدري بالانتعاش المحترق ابتسمت وأصغيت إلى الهدوء..
اكتشفت ان ما أحبه صمت بل إيقاعات بل ترنيمات لحلم أخذني إلى زاوية ما..
خطوة ثم خطوة حتى وصلت هناك.
رأيت الثوب وتلك الشرائط
من بعيد حمل النسيم معه إيقاعات رومانسية هزتني وجعلت احداقي تملؤها نشوة الدموع.
وودت لو اني رجعت لكني سرعان ما غيرت رأيي عندما وقع بصري على الشرائط اللازوردية في الثوب الأبيض وهذا هو الذي كان غريبا في الأمر.
تناولته.. أمسكته بكلتا يدي لأكتشف السر..
ازدادت الموسيقى ومن ثم خطف الثوب، تلفت يمينا ويسارا فاندهشت!!
نظرت إلى جسدي فوجدت الثوب بجانبي، ثم سمعت صوتا هاتفا: ان ارتدي الثوب لبسته فأخذتني الريح على أرجوحة غير مرئية إلى مروج لم أرها في حياتي..
فامتدت يداه أمسكت بيدي وكأن الدمع الذي نزل رجع للاحداق فتجمد مكانه.. احتضنتنا الريح على أرجوحة الأيام ثم نزل فتتبعته.. بدأ يغني ويترنم وهو يمد يديه إلي يراقصني فتستفيق ملء نفسي نشوة الفرح فاركض إليه امسك بيديه نرقص سويا وأنا لا أكاد أصدق..
أحسست وأنا بيديه بأني بخفة الفراشات وبأن امتلكت الدنيا بين يديَّ..
رقصنا على تلك الإيقاعات (الحديقة الرومانسية) صفق لي وابتسامته ارتسمت على شفتيه، سعدت كثيرا بتلك الابتسامة وتلك النظرة وطرنا مع الريح لكن غدرت بنا أخذته مني بعيدا وأرجعتني إلى نفس الزاوية.. في المكان البارد ذاته ذابت الدموع المتحجرة في أحداقي، لقد جرحني النسيم بكل هدوئه وصخبه وحلمه.. طلب مني ان أخلع الثوب الأبيض!!؟.. لقد انتهت القصة لكني رفضت وبكل إصرار، هربت منه، أخذ يطاردني لكني أتيت وبكل صمت وكبرياء جلست على سريري، فكل ما يربطني بذلك الحلم هو هذا الثوب وتلك الرقصة ومن طال انتظار له أعواما واعوام..
مددتُ ساقيّ وعَلُقَ بصري على الثوب وخيالي ذهب بعيدا ما زال هناك..
ما زال مع الموسيقى مع الرقص.. ما زال مع يديه مع نظرته مع ابتسامته الآسرة..
توقف الوقت عند كل هذا، توقفت عقارب الساعة عن الحركة إنها اللحظة الأخيرة.. لحظة الاحتضار.. نظرة أخيرة فيشخص البصر وتقف الدموع.. تصل الروح إلى آخر مرحلة لتخرج وهي سعيدة وكان بقاء الثوب على جسدي انتصارا وفخرا.