أتابع كتاباتك التي تحمل قدرا من الإشراق وقدرا من الجرأة وإثارة السؤال أعلم مدى شغفك بالدفاع عن قضايا المرأة، ومدى تمثلك لهذا المبدأ الإنساني الكبير، وإنني معك أحمل المبادئ نفسها التي تنافح عن المرأة وحقوقها المهدرة وسط طوفان الثقافة الذكورية التي تجتاح العالم العربي والإسلامي.
إننا مأزومون بقضية المرأة، بداخل كل منا يقبع (عتترة بن شداد) و(السياف مسرور) - وأنا لست من أتباعهما - وتحت سطوة سيفيهما نناقش كل الأمور المتعلقة بالمرأة، وهذا سبب تواصل طرح هذا الموضوع (قضية المرأة) الذي سيمتد طرحه إلى يوم القيامة، مع أن الأمر يسير تماما يترى بين الحقوق والواجبات، وبين العادات والتقاليد، وبين الشريعة ومتطلبات العصر والواقع والحياة.
لكن إطالة أمد الموضوع تتعايش منه الأقلام، والفضائيات، والصحافة، والمجلات الملونة، كما يتعايش منه الباحثون عن لقمة العيش - كبيرة أم صغيرة - من الفقهاء، والباحثين، والنقاد، والأدباء، والشعراء، من أول (إن العيون التي في طرفها حور - حتى: بنات الرياض) والإعلاميون، والمنضوون تحت جمعيات حقوق الإنسان، وبقية مؤسسات المجتمع المدني. فلا يمكن الآن إنهاء موضوع قضية المرأة حتى لا ينقطع مصدر رزق هؤلاء جميعا.
وعلى الرغم من المقولات التي تتراوح بين الكوميدية والتراجيدية في التعامل مع المرأة مثل مقولة الفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار: (إنني أحمد الله على أنه خلقني امرأة ولم يخلقني رجلا، لأنه لو خلقني رجلا سأكون ساعتها مضطرة للزواج بامرأة) فإنني أعتبر أن المرأة العربية مظلومة جدا في قراءة نصوصها وكتاباتها الأدبية والثقافية سواء بالقدح أم بالمدح، بالتجاهل أم بالاحتفاء، بطرح موضوع: (النسوية) أم بقراءتها بمعزل عن التحولات الثقافية التي ينظر إليها على أنها تحولات: (رجالية) في المحل الأول.
بالنسبة لما ذكرته في مقالتك: (تمييز مستتر وعنصرية مبطنة) المنشورة بالثقافية في العدد (185) الاثنين 17 محرم 1428هـ فإن أول من أشار إلى اقتباس رواية: (الفردوس اليباب) ليلى الجهني من الفيلم الأمريكي: (روب روي) هو الكاتب كامل الخطي من مجلة المجلة.
وقد تابعته في الرأي نفسه بعد أن شاهدت الفيلم، ثم تأكد لي هذا الاقتباس أو لنقل بشكل مخفف: (الاستلهام) بعد أن قرأت الرواية الأصلية للكاتب والتر سكوت، وأنا في سبيلي لإعداد موضوع عن هذا: (الاستلهام) الواضح الذي تنكره الكاتبة ليلى الجهني حتى الآن، مع أنه استلهام مشروع من الوجهة الأدبية والفنية.
والإشارة النقدية هنا لا تعني الغض من ثقافة المرأة، أو إبداعها الأدبي، على العكس تماما المرأة العربية تملك طاقة كبيرة من التخييل الأدبي، والكتابات النسوية في الشعر والقصة القصيرة والرواية من أعمق الكتابات في أدبنا المعاصر خاصة ما يتعلق منها بالقضايا الاجتماعية، من ينكر أسماء مثل: ملك حفني ناصف، ومي زيادة، ونازك الملائكة، وفدوى طوقان، وملك عبدالعزيز، وسلمى الجيوسي، وخالدة سعيد، وغادة السمان، وكتابات يمنى العيد، وسعاد الحكيم، وسهير القلماوي، وبنت الشاطئ ،ونوال السعداوي، وعشرات الكاتبات في الوطن العربي من مختلف التيارات.
إنني أحترم تماما كتابة المرأة في مختلف الأجناس الأدبية، لكن النقد الأدبي فيما أتصور لا يفرق بين كاتب وكاتبة باعتبار النوع، بل باعتبار القيمة الأدبية للعمل، ومستوياته الفنية والجمالية، هذا طريقي، ولا يعنيني اسم الكاتب أو الكاتبة، أو منصبه، بل ما يعنيني هو القيمة الفنية للعمل الأدبي نفسه.