ومن الكلمات التي أعتزّ بها في تلك الليلة: شهادة الفنان المسرحي القدير علي إبراهيم، الذي أكد لي أنني أمتلك صوتاً - أو حضوراً - (مسرحياً) نادراً!
وراهن على أنني لو قرأتُ قصائدي كلها، رغم صعوبتها الفكريّة واللغويّة، على جمهور من مختلف الطبقات.. لرأيتهم يستوعبونها ويتفاعلون معها!
هذا الرأي تحديداً هو ما كنتُ أنتظره..
وأيّد رأيه جميع الحضور، وكان من أبرزهم الأدباء: عبدالعزيز الصقعبي، خالد اليوسف، د. أمين سيدو، محمد المنصور الشقحاء، السيد الجزايرلي، راضي جودة.. والمخرج سمعان العاني.. وغيرهم من الأدباء والفنانين.. ولكنّ شهادة الأستاذ علي إبراهيم لها وقعها الخاص، لأنها جاءت من ممثل مسرحي محترف (باعتبار أن إلقاء الشعر هو فن مسرحي بالدرجة الأولى)!
كما أثّرت فيّ كلمة كتبها على ورقة صغيرة، الدكتور أمين سيدو، وكان يجلس إلى جانبي فوضعها أمامي لأقرأ فيها: (أين من يقولون بأن الرواية ديوان العرب؟ هذا هو عصر الشعر.. ويبقى الشعر سيّد الفنون جميعها).
أمين سيدو يعرف القصيدة من قبل، ويعرف كل كتبي (فهو مسؤولٌ في مكتبة الملك فهد الوطنية) فلماذا قال هذه العبارة القوية الآن، وخصني بها؟ ألهذه الدرجة الإلقاء يفيد الشعر؟
ومن هنا.. من زيارتي الأولى لصالون الموسى - وقد تكررت فيما بعد- رأيتُ حتمية أن أكسر القالب الذي وضعتُ نفسي فيه، طيلة مشواري مع الشعر، وقررتُ أن أوافق على أول أمسيةٍ أدعى للمشاركة فيها..
فماذا بعد؟
دُعيت لأمسيتين.. واعتذرت!
اعتذرتُ عن أمسية في (حمص) والسبب أنني لا أريد دخول الأراضي السورية الآن، لأسبابٍ سياسية..
واعتذرت عن أمسية في (المغرب) والسبب أن صديقاً عزيزاً سبق أن حصل له موقفٌ سيئٌ مع الجهة المنظمة لتلك الأمسية، فاعتذرت تضامناً معه..
إلى أن جاءت (أمسية تبوك)..
فالمكالمة الهاتفية التي تلقيتها من الأستاذ محمد فرج العطوي (المدير الإداري بنادي تبوك الأدبي) كانت حميمية، حتى وكأنّ بيننا صداقة منذ زمن (برغم أنها المكالمة الأولى والتواصل الأول) وكذلك خطاب الدكتور مسعد بن عيد العطوي (رئيس النادي) كان راقياً وحميمياً لم أستطع أمامه إلا تأكيد الموافقة.. خصوصاً والدكتور مسعد ناقدٌ معروف سبق أن تلقيت منه نسخة من كتابه النقدي (العاشق العفيف) الصادر عام 1992م ولم تتح لي الفرصة لإهدائه كتبي..
كذلك الأمر مع شريكي في الأمسية، الشاعر أحمد الملاّ، سبق أن وصلني منه ديوانه (خفيف ومائل كنسيان) عام 1996م ولم تتح لي الفرصة لالتقائه وإهدائه كتبي..
وفوق ذلك كله، فالأمسية في مدينة (تبوك) أي أنها داخل الوطن (السعودية) ومدينة تبوك كثيراً ما مررتُ من فوق أجوائها عبر الطائرة، في طريقي المستمر بين الرياض وبيروت.. وهذه أجمل فرصة للنزول في هذه المدينة الشمالية العالية، والتعرّف على أهلها وأدبائها عن قرب..
سبق أن كانت لي -وما زالت- آراء سلبية عن دور الأندية الأدبية، خصوصاً التي تعاملت معها في نشر بعض كتبي، كنادي الرياض ونادي حائل، غير أن نادي تبوك الأدبي كان بمنأىً عن تلك الآراء.. فلم يكن لي أي تعامل معه قبل الآن.. وأراقبه عن بعد وهو يعمل بجديّةٍ تسمو به عن (المحسوبيات) الملحوظة في غيره من الأندية!
أقيمت الأمسية في موعدها المحدد، بعد صلاة العشاء يوم الاثنين 4-12-2006م وبدأ الإلقاء الشاعر أحمد الملاّ، حيث قرأ بصوته العذب المميز عدداً من قصائد مجموعته الأخيرة (سهم يهمس باسمي) فيما اكتفيتُ أنا بقراءة قصيدة (آتٍ من الوادي) كاملةً، وختمتُ ب(حالةٍ ليست عابرة) من (نصف الكتابة).. وكذلك قرأ الشاعر محمد فرج العطوي عدداً من قصائده العمودية الجميلة، والتي لاقت استحسان الجميع..
بمجرد انتهاء الأمسية، قال لي أحمد الملاّ (تضحك عليّ؟! هذه ليست أمسيتك الأولى)!
كذلك كان انطباع العطوي، وجميع الحضور الذي كان يثلج الصدر بحق..
نجاح أمسية أدبي تبوك جعلني أفرط في التفاؤل، حتى ظننت أن كل الأمسيات الشعرية التي سأشترك فيها من الآن فصاعداً ستكون من حسن لأحسن..
هكذا وافقتُ فوراً عندما دعاني العزيز الشاعر إبراهيم الوافي ليستضيفني في أمسية من أمسيات (بيت الشعر) الذي يتولى مسؤوليته.. وكان الاتفاق أن تكون مساء الاثنين 15-1-2007م في (بيت الشعر) الواقع بمقر (النادي الأدبي بالرياض).
اقترب موعد الأمسية، وأرسل إلى العزيز إبراهيم الوافي صيغة الخبر الذي سينشره يوم الاثنين في موعد الأمسية، وكان كالتالي:
الرسالة التالية أرسلت إليك عن طريق نموذج الاتصال بنا في (نصف الكتابة) بوساطة إبراهيم الوافي:
يقيم بيت الشعر التابع للنادي الأدبي بالرياض مساء اليوم الاثنين 25-12-1427هـ.
أمسية شعرية للشاعر فيصل أكرم..
الطريف في الأمر أن هذه الأمسية هي الأولى للشاعر في النادي رغم أن تاريخها يتزامن مع مرور عشر سنوات على إصدار أول مجموعة للشاعر.. (الخروج من المرآة) ضمن إصدارات النادي الأدبي في الرياض.. انتهى.
كان الخبر جميلاً، ومناسباً جداً.. ولكن.. جاء وقت الأمسية ولم أجد الخبر منشوراً في أي صحيفة، مما جعلني أتصل بإبراهيم مستوضحاً عن إلغاء الأمسية؟ فقال لي ما لم يخطر ببالي!
قال إن الخبر قد نشر (بالخطأ) يوم الأحد.. وكأن الأمسية يوم (الأحد) وأشار لي أن أطالع موقع جريدة الرياض عدد الأحد، فطالعته ووجدتُ الخبر التالي:
بيت الشعر يستضيف فيصل أكرم
يقيم بيت الشعر التابع للنادي الأدبي بالرياض مساء اليوم الأحد 25-12-1427هـ أمسية شعرية للشاعر فيصل أكرم..
يذكر أن هذه الأمسية هي الأولى للشاعر في النادي رغم أن تاريخها يتزامن مع مرور عشر سنوات على إصدار أول مجموعة للشاعر.. (الخروج من المرآة) ضمن إصدارات النادي الأدبي في الرياض..
ثم تعليق أخي إبراهيم الوافي (على موقع الجريدة الإلكتروني):
(تعليق واحد:
مع تقديري وامتناني للقائمين على الصفحة
أحبتي.. بكل التقدير والحب للقائمين على هذا المنبر الثقافي.. وددتُ أن أشير إلى أن موعد الأمسية هو يوم غد الاثنين 26-12-1427هـ.. وهو اليوم المخصص من كل أسبوع لفعاليات يوم الشعر..
أكرر امتناني للجميع ولكم مودتي
إبراهيم الوافي - منسق بيت الشعر
12:52 مساءً 14-1-2007م)
وبناءً على هذا الخطأ الفادح (غير المقصود طبعاً) حضر عددٌ من الأصدقاء والمتابعين إلى مقر النادي الأدبي يوم (الأحد) لحضور الأمسية.. ولكنهم لم يجدوا (أحداً)!
فالأمسية أقيمت يوم (الاثنين) كما هو متفق بيني وبين منسق (بيت الشعر) الأخ العزيز إبراهيم الوافي.
جديرٌ بمثل هذا الخطأ أن يُفشل الأمسية تماماً، ويؤجلها إلى وقتٍ آخر، ولكن.. ثمة أصدقاء كبار حضروا في الموعد الصحيح، يوم الاثنين (تجاوباً مع الدعوة الهاتفية) لذا كانت الأمسية مليئة بما يكفي من الحضور الجميل..
