قليل أولئك الذين يتركون بصمات واضحة، وآثاراً طيبة في حياة أمتهم ومسيرتها الفكرية والثقافية، وعظيمة تلك الدول التي تثمن جهود أبنائها، وتقدر عطاءهم، فتحتفي بهم في مشهد حافل بكل مظاهر الحفاوة والتكريم وهم على قيد الحياة, وفي أوج تألقهم الفكري، وعطائهم الثقافي.
إن ما سنته حكومة المملكة العربية السعودية وقادتها الأوفياء من سنة حسنة، ونهج كريم بالاحتفاء كل عام بواحد من أبناء الوطن النابهين لخير دليل على شدة حرص حكومة هذا البلد حفظه الله ورعاه على الرقي بشعب هذا الوطن المعطاء، والنهوض به وتحفيز كل أبنائه على الإبداع، وحثهم ليكونوا رواداً مبدعين، ومفكرين مجتهدين انطلاقاً من ثقافتنا العربية الإسلامية، وليكونوا عدة لوطنهم، وذخيرة لأمتهم ضد هجمات أصحاب الفكر المنحرف، والتفكير الضال، والتوجه الهدام، وضد كل محاولات الغزو الفكري، والتخريب الثقافي، والذوبان في الآخر.
والدكتور حسن الهويمل أحد أبناء هذا الوطن المعطاء الذين لهم أثر واضح في حياتنا الفكرية والثقافية، فله من المواطن المشهودة والمواقف المحمودة ما لا يخفى على المتابع لمسيرة هذا الرجل، فكم قرأنا وشهدنا له من صولات وجولات قادها بصلابة وعزم ضد دعاة التغريب، والتضليل الفكري، والتدجيل الثقافي بدعوى العولمة وثقافة العصر، وهي في أساسها ومنبعها دعوات تهدف إلى هدم ثقافتنا العربية الإسلامية، والقضاء على كل ما أنجزته وكل ما قدمته على مدى تاريخنا من ثمرات طيبة للإنسانية جمعاء.
لقد تصدى الدكتور حسن الهويمل بصلابة المقاتل وجرأة الواثق بما لديه من فكر أصيل وثقافة عظيمة لكل من حاولوا انتقاص قدر ثقافتنا وإشعار أبناء الأمة بالدونية وعدم القدرة على قيادة ركب الحضارة الإنسانية من جديد، فضلاً عن القدرة على المشاركة في بنائها والإسهام في تشكيلها، فوقف يذود عن ثوابت الأمة وثقافتها الأصيلة، ويتصدى لكل من يمس هذه الثوابت في العقيدة الفكر والثقافة والأدب بكشف نواياهم، وفضح توجهاتهم.
إن إسهامات الدكتور حسن الهويمل في إظهار حقيقة ثقافتنا وإبراز وجهها المشرق، وجهوده الفكرية والثقافية متعددة ومتنوعة، فهو أستاذ جامعي ورئيس فرع رابطة الأدب الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، وكاتب ومحاضر يشد انتباه القارئ والسامع بما يقدم في كتاباته ومحاضراته من طرح أصيل، ورؤى عميقة، وفكر دقيق يجعل القارئ والسامع مشدوداً إلى متابعته مأخوذا بمنطقه السديد، وبيانه الآسر، وأسلوبه الرشيق.
ولعل الفترة التي ترأس فيها الدكتور حسن الهويمل نادي القصيم الأدبي ما يزيد على ربع قرن من الزمان خير شاهد على جهود هذا الرجل المعطاء الذي لم يتوان ولم يأل جهداً في جذب أبناء منطقة القصيم بشتى الطرق ومختلف السبل والوسائل إلى ارتياد مبنى النادي، فالمحاضرات تعقد بشكل دوري ومنتظم يدعى لها المحاضرون في شتى مجالات الفكر والثقافة، ومكتبة النادي مفتوحة وعامرة بالكتب في كل مجالات المعرفة، فأضحى النادي الأدبي منارة فكرية ومعلماً ثقافياً وحضارياً في منطقة القصيم، وصار له أبلغ الأثر في بعث حب الثقافة الأصيلة في نفوس أبناء المنطقة، وساعد على نشاط الحركة الثقافية وازدهارها في القصيم.
جزى الله الدكتور حسن الهويمل خير الجزاء ونسأله سبحانه أن يبارك جهوده في مجال الثقافة والأدب، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته. آمين.
* كلية اللغة العربية - جامعة القصيم