الزمالة والصداقة بيني وبين د. حسن الهويمل ممتدة منذ زمن ليس بالقصير، ولهذا لا بد أن يعتقد الكثير إذا ما قرظت د. حسن فإنما أقرظه من باب هذا القرب في الاهتمامات العلمية وفي طبيعة الأعمال التي يقوم بها داخل أسوار الجامعة.
لقد عرفت الأستاذ حسن الهويمل باحثاً جاداً، ودارساً غيوراً على تراث أمته، عانى الكثير من المواقف التي تماحك فيها مع عديد من الكتاب والنقاد والدارسين، حتى ظن بعضهم أن الأستاذ الهويمل يمتلك نزعة عدوانية أمام كل جديد يحاول أن يطور أو يوسع في نظرتنا الفكرية والأدبية، لكن الذي يعرف الأستاذ حسن بن فهد الهويمل من قرب، يدرك تماماً أن سعادته سليم الطباع، سلس العبارة، صادق الاتجاه والرؤية.. غير أن ما اهتم به سعادته في مجال الدفاع عن تأصيل هذا التراث محل أخذ وعطاء، نتفق معه خارج المنتديات ونختلف معه داخل المنتديات، وهذه هي عادة التحرشات والمماحكات التي تثري الساحة الأدبية والفكرية، بتعدد الرؤى، وتعدد الأفكار، وتعدد المواقف، حتى تأخذ الظاهرة أو القضية - التي توضع تحت المجهر أو تحت الدراسة - مكانها من الدرس والتمحيص والتدقيق.
الأستاذ الهويمل أخذ نفسه بمحاولة تأصيل علم الأدب من وجهة النظر العربية، ولهذا تجدونه في دراساته التي يقدمها على صفحات المجلات، أو الصحف المحلية، أو المنتديات في المؤتمرات الأدبية والفكرية، يحاول أن يؤصل هذا العلم من وجهة النظر العربية، ملتقطاً بعض مواقف أو مواطن التشابه والالتقاء بين تأصيل هذه العلوم وما وفد إلى الفكر العربي من منجز لآخر، ثم تلمحون فيما يكتب سعادة الأستاذ حسن الهويمل التقاط مواطن هذا الالتقاء، والتشابه بيننا وبين الآخر، ومحاولة الإشارة والتنبيه إلى أن فكرنا سباق إلى الوصول إلى مثل هذه التأصيلات، أو التأسيسات في مناهجنا، في علم اللغة، وفي النحو، وفي علم البلاغة، وفي علوم العربية كلها. إن مثل هذا الموقف يبعث كثيراً من التساؤلات في سلامة النتائج التي يطمئن إليها الدارس في بنيته المعرفية وفي اهتماماته، إذا ما عالج مثل هذه القضايا من منطلق المقارنة بيننا وبين الآخرين، خاصة أننا ندرك - تماما - والدكتور حسن الهويمل خير من يعرف هذا، أن مواطن الالتقاء بيننا وبين الآخر لا يمكن - بحال من الأحوال - أن نصف أنفسنا بأننا سباقون إلى ما وصل إليه الآخرون فيها، أو أننا أصحاب ريادة.
نحمد للأستاذ هذه الغيرة، وهذا التأصيل، وهذه التأكيدات على ريادتنا في تأصيل فكرنا؛ لكن ما توصل إليه فكرنا - قديماً وحديثاً - لا شك أنه مبني على منظومة معرفية واسعة، وشمولية لا تنفك أجزاؤها بعضها من بعض؛ فعندما يعالج الدكتور حسن الهويمل النحو التوليدي، النحو الوظيفي، ويرى أن العرب سابقون إلى هذه الظاهرة، وعندما يعالج علم اللغة ويرى أن عبدالقادر الجرجاني يسبق هذه الأفكار التي تناولها النقد من جانبه اللغوي عند بارث، وعند سوسيل، وعند غيرهما... وعندما يتناول اتجاهات النقد ويرى أننا سباقون إليها، يدفعه ذلك الغيرة على تراثنا، ومحاولة تأصيل هذا التراث من منظورنا العربي، ومحاولة إبراز جهود علمائنا الفضلاء الذين سبقوا إلى تأصيل هذه العلوم.
أحمد له هذا الجهد الكبير الذي عنى نفسه به وأتعبها، ودافع كثيراً وما زال بحماس الشباب.