عرفت الدكتور حسن الهويمل منذ ما يقرب من عشرين عاماً، وكان للنادي الأدبي دور في تعميق صلتي به، فكانت جلساتي معه ونقاشاتنا المستفيضة في شتى القضايا الفكرية، ما زاد من أواصر المودة بيني وبينه، وما كشف لي عن شخصية الهويمل التي لا يجدها القارئ في كتبه ومقالاته. كنا نتفق ونتوافق، ونختلف ونتفاوت. ولم يكن اتفاقي معه ما يقوي هذه المودة، ولم يكن لاختلافنا في بعض القضايا ما يضعفها. بل كنا متفقين على البحث عن ضالة الحق. وتلك ميزة من مزايا الدكتور الهويمل.
عرفته أديباً، ناقداً، عاشقاً للغته العربية، متذوقاً جمالها وإيحاءاتها. يعشق النص الجميل ويطرب للقصيدة الجيدة بجرسها وموسيقاها ولغتها وأبعادها. ورغم تخصصه في الأدب الحديث إلا أنه ملم بالأدب العربي في كافة عصوره، ولعل ثقافته الأدبية الواسعة في التراث الأدبي العربي ما ألقى بظلاله على ذوقه ومواقفه من الإبداع والتجديد والقيم الجمالية والمعايير النقدية.
عرفته مواطناً ووطنياً عشق وطنه، واستشرى حب هذا الوطن في عروقه، فكان الوطن وقضاياه هاجساً شغل حيزاً رئيساً من همومه وكتاباته وأحاديثه. ولعله لم تمر على الوطن مناسبة أو قضية إلا وشارك بقلمه وجهده في خدمتها.
عرفته مسلماً آمن بدينه وبقضايا أمته الإسلامية. كان الهاجس الإسلامي يسيطر عليه أينما توجه قلمه. تبنى الأدب الإسلامي باعتبار الإسلام ديناً ذا قيم لا بد للأدب أن يرتع من خلالها ويعبر عنها مهما تعددت الأنماط والتجارب والأشكال ومغامرات التجديد. فكان أن عاش هموم الإسلام والمسلمين وقضاياه وتناولها بأسلوب المستبصر الناصح المستشرف.
عرفته إنساناً حباه الله بأخلاق فاضلة. كان محباً للخير، لا يتوانى في مساعدة من يطلبون منه المساعدة. حين كنت عميداً للقبول والتسجيل وشؤون الطلاب بفرع جامعة الملك سعود بالقصيم لمدة تربو على ثمان سنوات لا أذكر عاماً مر إلا ويشفع فيه لأكثر من شاب بحثاً لهم عن فرص دراسية في هذه الجامعة أو تلك. وأجزم أن أكثرهم لا تربطهم به صلة قرابة أو صداقة. ولم يكن يقتصر على ذلك بل إنه سخّر ما حباه الله إياه من جاه واحترام عند المسؤولين لخدمة من يستشفع به طلباً لفرصة عمل أو إنهاء معاملة أو حل قضية.
عرفته ابناً باراً لمنطقة القصيم ولمدينة بريدة قضى جل حياته في خدمتها كتابة وتأريخاً وتدريساً. كان انتماؤه لمدينته ومنطقته ما حال بينه وبين الانتقال إلى الرياض التي كانت - ولا تزال - تستقطب الكثيرين من الناجحين والواعدين من الشباب. لقد حدثني ذات مرة عن كم الفرص التي كانت متاحة أمامه لو كان يرغب في الانتقال عن بريدة، وكيف كان حبه لبريدة والقصيم حائلاً بينه وبين استغلال تلك الفرص التي سنحت له في مقتبل حياته العملية.
إن الدكتور الهويمل من الرجالات الذين يستحقون التكريم. وقد حرصت أنا وزملائي أعضاء مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي الجديد أن نكرمه بما يستحق جراء جهوده في تأسيس النادي ورئاسته له وإدارته لدفته لما يقرب من سبعة وعشرين عاماً. وبفضل من الله فقد تفضل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم في 28-11-1427هـ برعاية حفل تكريمه وبحضور نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، وحضور صاحب المعالي الأستاذ إياد بن أمين مدني وزير الثقافة والإعلام، فكان الدكتور حسن الهويمل جديراً بهذا التكريم وبهذه الرعاية والحضور المميز.
وهاهو الدكتور الهويمل يُكرّم على مستوى الوطن في المهرجان الوطني للثقافة، وهو تكريم يليق برجل قضى حياته في خدمة الأدب والثقافة في بلادنا. فهنيئاً له بهذا التكريم، وهنيئاً له بمشاعر الصدق والوفاء التي يحملها له المسؤولون في بلادنا، والمحبون له وما أكثرهم.
* وكيل جامعة القصيم للشؤون التعليمية رئيس نادي القصيم الأدبي