لقد جاء اختيار الدكتور حسن بن فهد الهويمل ليكون الرجل الذي يكرم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة لموسم هذا العام اختياراً موفقاً تقديراً لمكانة هذا الأديب الناقد وجهوده المتواصلة سواء في رئاسته للنادي الأدبي في القصيم لأكثر من ربع قرن أو في رئاسته للمكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الرياض.
وأما إدارته للنادي الأدبي في القصيم فقد تميزت بالنشاط وكثرة المحاضرات، وإقامة الندوات، وكان الدكتور الهويمل يعمل على أن تتسع أنشطة النادي لسائر أطياف المشهد الأدبي دون تحيز لفئة أو اتجاه رغم أنه من أركان رابطة الأدب الإسلامي.
وأما رئاسته للمكتب الإقليمي خلفاً للفريق يحيى المعلمي -رحمه الله- فقد شهدت انتظام أنشطة المكتب، وبخاصة بعد أن خصص المسؤولون الكرام مقراً واسعاً له في مدينة الرياض، وكان الدكتور الهويمل يسعى مع إخوانه أعضاء الهيئة الإدارية إلى تحقيق أهداف الأدب الإسلامي على ضوء مقولة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين في إحدى المناسبات: (إن المملكة العربية السعودية ذات الرسالة الخيرة يسرها أن تكون منطلقاً للأدب الإسلامي ذي التأثير المحمود).
وقد نُقشت هذه الكلمة الرائعة في صدر قاعة المحاضرات في مقر المكتب الإقليمي بالرياض مقرونة بما قاله علامة (الجزيرة) الشيخ حمد الجاسر في المقابلة التي أجراها معه سعادة الدكتور عائض الردادي: (لاشك أن الدعوة إلى الأدب الإسلامي للوقوف أمام تيار المذاهب الأدبية الدخيلة هي دعوة إلى ما يجب توجيه ناشئة الأمة، بل كل أدبائها إليه).
وقد دأب الدكتور الهويمل على الكتابة في الصحف والمجلات، والحديث في عدد من الفضائيات وكثير من الندوات الخاصة والعامة على تبيان مفهوم الأدب الإسلامي وأهدافه الخيرة، والرد على المعارضين الذين ذهب عدد منهم إلى أن مصطلح الأدب الإسلامي مصطلح ضيق مع أنه في الحقيقة واسع سعة الإسلام وشموله، كما ذهب بعضهم إلى أن مصطلح (الأديب الإسلامي) يؤدي إلى تصنيف الأدباء بما يثير الحساسية عند بعضهم، والجواب على ذلك أن الناس درجوا منذ عدد من العقود على ترديد مصطلح (مفكر إسلامي) و(كاتب إسلامي) ولم يكن أحد يعترض على مثل هذه التسميات بأنها تثير الحساسية، وقد طالما أظهر الدكتور الهويمل أن إطلاق لقب (أديب إسلامي) إنما يعني من غلب على نتاجه الأدب الذي ينطلق من الإسلام، الذي هو أفضل وأكمل من أي فلسفة مثالية أو وضعية (أفلا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).
ومما يسجل للدكتور حسن الهويمل أنه تصدى إلى بعض الذين كانوا يشايعون أدونيس في حداثته التي تدعو صراحة إلى الإلحاد، وتتعرض إلى الذات الإلهية وتدعو إلى تفجير اللغة، وقد قام الدكتور الهويمل بواجبه الديني في وقت كان فيه إرهاب الحداثة قد وصل إلى ذروته حتى كان من قول أحدهم: (ليس مثقفاً من ليس حداثياً).
وأما الحداثة بمعنى التجديد في الشكل والمضمون دون تعد لحدود الدين، ودون دعوة إلى تفجير اللغة، ودون مبالغة مفرطة في الغموض، فتلك حداثة لم يعارضها الدكتور الهويمل ولا غيره من نقاد الأدب الإسلامي.
ومع البعد الأدبي والنقدي في شخصية الدكتور الهويمل فإنه يتميز بالبعد الفكري والسياسي العام، وهذا ما يتجلى في مقالاته الهادفة في الكتاب الضخم الذي سماه (أبجديات سياسية على سور الوطن) فقد تناول حاضر العالم العربي وقضاياه بعامة، وقضايا المملكة التي تعد قبلة المسلمين، وناقش ما يعترضها من مشكلات التنمية وعوائق التقدم وفتنة الإرهاب، وكانت السمة العامة على ما كتبه الدكتور الهويمل في مسيرته هي سمة الوسطية والاعتدال والبعد عن التطرف والغلو.
* رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيس تحرير مجلة الأدب الإسلامي