سعود بن عبدالله الرومي
ها هي الجنادرية تلبس ثيابها القشيبة المطرزة بألوان مناطقنا الزاهية في روضتها الجميلة روضة سديس الخلابة حيث ربيعها الطلق يختال ضاحكاً بهذه الأزهار والورود وتلك الأعشاب الخضراء تفتح صدرها و ذراعيها ليلتقي على صعيدها الطيب مئات الألوف يومياً من أبناء الوطن العزيز ولمدة سبعة عشر يوماً يرسمون ملحمة وطنية صافية في الألفة والمحبة وشوق اللقاء يهتفون ويرددون» للدين والمليك والوطن تناديهم على معالم التراث و الثقافة و الفنون الإبداعية , رعاها وأذن بإفتتاحها قائد مسيرتنا المباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.
إنه ذلك الجواب الشافي من القيادة الحكيمة مبكراً على هذا التطوير والتغيير و التحديث العالمي الذي يسابق الوقت علماً و تقنية و اتصالات ومواصلات , فجاء لذلك الأمر الكريم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله بإقامة هذا المهرجان الوطني للتراث والثقافة في 21-1-1405هـ الموافق 17-10-1984م وعقد الدورة الأولى في 22-7-1405هـ الموافق 13-4-1985م لينمو ويتزايد ليصبح أحد مشاريعنا الوطنية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله ويحظى بالرعاية والتوجيه من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، ليقدم الإجابات الشافية والهادفة الملائمه عن تراثنا وثقافتنا وفنوننا الإبداعية، مع هذه الحركة الانسانية التي أخذت تلف وتحيط العالم اليوم ولعل ما يأتي يقدم إيجازاً لأهم نشاطات المهرجان الوطني وفعالياته، ودورها الفاعل في تنامي الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني:ـ
ـ إن الأهداف الرئيسية التي من أجلها قام المهرجان الوطني هو إعادة الثقة والأمل وشحذ العزيمة والهمم لهذه الأجيال الصاعدة بأن عندنا من التراث والثقافة والفنون الإبداعية التي خلفها الآباء والأجداد، ما يمكننا أن نحملها ونبني عليها لنأخذ وأمتنا دورنا اللائق لنا في هذه الخريطة العالمية.
ـ كم هو جميل وهادف ذلك الحوار البناء الذي يقوم على أرضه بين النخب الثقافية والإعلامية من بلدان العالم وبين نخبنا الثقافية والإعلامية لتتجلى وحدة الحضارة وتعدد الثقافات الإنسانية، وذلك في هذه الندوات والمحاضرات السنوية التي يقرها النشاط الثقافي.
ـ على أرض المهرجان الوطني تكتحل العيون وتنشرح الصدور وأنت ترى أبناء مناطقنا العزيزة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب من أبناء مناطقنا العزيزة ومن مندوبي وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية والأهلية أو من الأخوة في دول مجلس التعاون الخليجي وهم على هذا الصعيد الطيب يتعاونون ويواصلون الليل والنهار يعرضون ما عندهم من موروثات وفنون وحرف وصناعات يقابلونك بسعة صدر وثغر باسم مرحبين ومهللين بهؤلاء الزوار الكرام تتقدمهم ضيافاتهم الكريمة من: قهوة وتمر، وعود وبخور لتتألق الصورة وتشكل مجموعاً واحداً ضد أي تحريض أو تفرقة أو دعوات سوء
ـ على هذه الأرض الطيبة تتنوع الفرص والفوائد، حيث يعود المهرجان الوطني في كل سنة ومعه الفرص الاقتصادية المتعددة التي يتيحها فهو يعمل على تشجيع هذه الحرف والصناعات التي تنتج منها برامج عرفت باسم « الأسر المنتجة» وقد كان للمهرجان الوطني قصب السبق في تواجدها في بلادنا العزيزة.
ـ فتح المهرجان الوطني الباب واسعاً لكافة مناطقنا ومناشطنا المتعددة لتحذو حذوه بإقامة المهرجانات المتنوعة من: زراعيه وإرشادية وتسويقية وأكلات شعبية، كما أنّ آثاره واضحة في تواصل المشاهدين والمتابعين وتلاحمهم مع هذا المهرجان الوطني ونشاطاته وفعالياته فها نحن نتعرف على بعض المصطلحات في أنحاء الوطن العزيز مثل: دقة الجنادرية، عطر الجنادرية، خلطة الجنادرية، أكلات شعبية في الجنادرية.
ـ انتبه المهرجان الوطني مع لجنة المشورة الثقافية مبكراً إلى رواد الثقافة والتراث والإعلام في بلادنا فجاء التوجيه الكريم بتكريم شخصية ثقافية في كل دورة ومنحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى وإلى تاريخه تم تكريم إحدى وعشرين شخصية ثقافية.
ـ حرصت القيادة الحكيمة أن تمتد رسالة المهرجان الوطني: التراثية والثقافية والفنية إلى الخريطة العالمية فجاء التوجيه بدعوة إحدى الدول الشقيقة أو الصديقة للمشاركة في كل دورة للمهرجان الوطني إيماناً منها بأهمية هذه اللقاءات والتلاقح الثقافي والفكري بين الشعوب والعقول النيّرة التي تبني وتعمل على التقدم والعمران للإنسانية جمعاء، فكان أن دعا كلاً من :جمهورية تركيا 1429هـ،روسيا فرنسا، اليابان، كوريا الجنوبية، الصين، الإمارات العربية المتحدة الشقيقه،جمهورية ألمانيا الاتحادية 1437هـ.
ـ وانطلاقا من هذه الرؤية العالمية راح المهرجان الوطني يدعو النخب الثقافية والفكرية والإعلامية من الوطن، ومن البلدان العربية الإسلامية ومن بلدان قارات العالم أجمع ليلتقوا على صعيده الطيب لحوار الرأي والرأي الآخر، وتكتمل الصورة الإنسانية بلقاء هذه النخب مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله في أجواء من المعرفة والنقاش وتبادل الآراء فيما يخدم القضايا الثقافية بكل شفافية ووضوح الرؤيا وصدق الكلمة، ولعل من المفيد ذكر بعض الرموز من الشخصيات المستضافة للمهرجان الوطني :-
رئيس كوريا الجنوبية، مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق، الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، صوئيل هنتغننون، جون اسبزيتو، الشيخ إبراهيم جوب
د.حامد تشوي يونغ كيل، أ.عمرو موسى، أ. محمد بن عيسى، د. فولكربيرتس، د. خورشيد أحمد، المخرج مصطفى العقاد، د.محمد عابد الجابري، الشيخ محفوظ نحناح، د.رضوان السيد، يفجيني بريماكرف رئيس وزراء روسيا، د.مراد هوفمان، د. باتريك سيل، د.هملوت فيشر وزير خارجية ألمانيا ـ د.كمال الدين إحسان اوغلو، د.محمد جابر الأنصاري، الشيخ محمد على تسخيري د.برهان غليون، الشيخ أمين ريس، المستشار طارق البشري، د.الفن توفلر أ.فهمي هويدي د.محمد سيد طنطاوي، هذا بالإضافة إلى الرموز الثقافية في بلادنا وغيرهم المئات من الأدباء والمفكرين ورجال الإعلام.
- إن هذا المهرجان الوطني للتراث والثقافية في دوراته الثلاثين وعلى هذا الصعيد الطيب، وانطلاقا من موقعه في أرض الحرمين الشريفين مهد الدعوة الإسلامية الخالدة التي انتشرت على ربوع قارات العالم تحمل معها رايات:- العدل، الأخوة والمساوة والسلام، وتلك الرعاية والتوجيهات السامية التي تتحقق له في كل دورة من دوراته جعله أحد مراكز الحوار والتعايش بين الشعوب والأمم، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، تلك الدعوة التى أصّلتها قياداتنا الحكيمة منذ سنوات عديدة وانطلقت بها إلى العديد من المحافل الدولية لتؤكد على أننا «عالم واحد وثقافات متعددة متعاونة» وبهذا وقفت هذه الدعوة وهذه النشاطات المتنوعة للمهرجان الوطني سدا منيعا أمام دعوات صراع الثقافات والحضارات لنؤصّل إلى تعاون وتعاضد بين ثقافات العالم ومعارفه.
هذه لفتات موجزة عن بعض أعمال المهرجان الوطني أحببنا أن نضعها بين يدي المطالع والمهتم في هذه النشاطات والفعاليات في دورتها الثلاثين لعام 1437هـ.
وحتى نرجع الفضل لأهله فإن هذه النشاطات والفعاليات وهذه الآثار الإيجابية بحمد الله التي أجمعت عليها النخب الثقافية والفكرية في الوطن، وفي بلداننا العربية الإسلامية ومن دول العالم الخارجي ماكانت لتتم وتتنامى لولا الرعاية والتوجية من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني، واهتمام ومتابعة معالي الأستاذ عبدالمحسن عبدالعزيز التويجري نائب وزير الحرس الوطني نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني ليواصل المهرجان الوطني مسيرته المباركة كما رسمتها له القيادة الحكيمة.