سعود بن عبدالله الرومي
الحمد لله رب العالمين القائل {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّه مَن يَنصُرُهُ}.
والقائل {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه رَمَى}.
والقائل {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ}.
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين القائل «نُصرت بالرعب من مسافة شهر».
الحمد لله الذي هيأ وسخر من عباده من يسير على النهج، ويقتفي الأثر، ويصدع بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم.. وله الفضل والمنة أن جعل على يديه اجتماع الكلمة، ونصرة الحق، وإغاثة المستجير..
نعم، إن لنا في المملكة العربية السعودية رجالاً نفتخر بهم، ونعتز أن ربط الله على قلوبهم لردع المفسدين. قال الله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّه لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}.
لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز رؤية ثاقبة ونظرة مستقبلية، رأت بعين البصيرة أن العاطفة والتسامح ولين الجانب أدوات لا تنفع مع اللئام، ولا تثمر بالمتلونين الذين ينطلق عليهم قول الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وقول الشاعر:
ومن يصنع المعروف في غيره أهله
يكن حمده ذماً عليه ويندم
نعلم جيداً أن الحروب والنزاعات لا تأتي بخير، ونعلم جيداً أن النصر والنجاة دائماً بيد الله سبحانه وتعالى، ولكن ركوب الصعاب وحماية الدين والوطنية والعِرض يحتاجان لهمم قوية وإقدام وحماسة.. ولأن سياسة النَّفَس الطويل مع إيران لم توصل إلى إيقاظ العقول والأفكار لدى القيادات الفارسية التي عاثت فساداً في بعض الدول العربية، فمن العراق وسوريا إلى اليمن، وإنك لتعجب حين الوقوف على المكتسبات التي قدمتها المملكة العربية السعودية خلال عمرها المديد لجارتها اليمن من خلال بناء المدارس والمستشفيات والمساجد، واحتواء أكثر من مليوني مغترب يمني يعيشون كما إخوانهم السعوديين، وتنظر إلى الجانب الآخر الذي تقوم به إيران من خلال نشر السلاح وتدريب الشراذم لهدم تلك المنجزات.
قبل عاصفة الحزم كأني بالبعض يتمثل قول الشاعر:
ألا موت يباع فأشتريه
فهذا العيش ما لا خير فيه
إذا أبصرت قبراً من بعيد
وددت لو أنني مما يليه
فهذا الشاعر المعدم كان يأمل في حياة هانئة أو أن يكون تحت التراب.
لقد كان العرب وأحوالهم كل يدلي بدلوه، وكل ينتظر تعليق الجرس، وكل يرمي المسؤولية على غيره رغم المحاولات الكثيرة والسعي الحثيث الذي كانت ولا تزال تقوم به المملكة من الإصلاح بين الفرقاء في الدولة الواحدة، وتحمُّل المملكة لتبعات ذلك سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً.. وكان المشهد المحصلة بعد ذلك أن يعود أو يخلف البعض ما تعاهدوا عليه وما وقَّعوا عليه؛ فنعاود الكرّة مرة أخرى، وهكذا مؤتمر بعد مؤتمر، وقمة بعد أخرى، تتحمل المملكة كثيراً من نزق وعناد بعض القادة.
وفي عاصفة الحزم كنا على موعد مع الحزم قولاً وفعلاً.
لوح سلمان بن عبد العزيز بيده الكريمة مشيراً ببدء مسيرة التلاحم العربي والإسلامي، واجتماع كلمته في مشهد لم يحدث له مثيل من قبل بهذا الكم والكيف في العصر الحديث.
إن ما يلزمنا اليوم ألا تخبو تلك الجذوة، وأن يعقبها صحوة كاملة للأمة، تعيد مجدها، وتسود العالم بإذن الله {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّه بِعَزِيزٍ}، بشرط أن تمسك بحبل الله المتين، وتصبح أمة لها حضور بين الأمم، ونتخلص من مقولة العالم الثالث الذي تتندر به الأمم علينا.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «عينان لا تمسهما النار: عين باتت تحرس في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله». اللهم انصر جنود عاصفة الحزم، وكن لهم مؤيداً ونصيراً، وأعدهم سالمين غانمين.. اللهم احفظهم في السماء والأرض والبحر.
ختاماً: ندعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وإخوانه وأعوانهم وعلماءنا وشعوب المنطقة.
والله الموفق.