هذه أيام دقيقة وصعبة بل وخطيرة مادامت الذئاب تقف على كل المفترقات، بل وعلى التلال والجبال العالية وكل المنافذ لتغتال ما تبقى من ألق في هذه الأمة، لكن الأرض تظهر، والمواقف العظيمة تظهر، ومعادن الرجال تظهر، ورغم كل تفاصيل الأرض وجغرافيتها وامتدادها وتضاريسها الوعرة, تبقى المواقف البطولية سيدة الحدث, رغم البؤس والشدة والرياح العاتية القوية والمناخات المتقلبة ووهم السراب، إذ إن لا أحد يستطيع أن يطفئ الحقيقة الجلّية والنور الساطع، رغم الغمامة السوداء التي تزحف من على بعد، لاحظوا كيف ينظر الأعداء المشكّلون والملونون الكثر إلى السعودية، وكيف ينفخون في قيعانها وهم يظنون أنهم ينفخون في شيء رقيق يشبه البالون، هناك أشياء كثر تتحرك حولنا وتموج وتتلاطم، لا تريد لدقات قلوبنا أن يستمر إيقاعها! هكذا يقال الآن بعضها سراً وبعضها الآخر علناً، تلك لغة رمزية مشفرة لا يفقهها إلا الذين ينظرون إلينا من خلال المنظار العملاق، نعترف بأنهم نجحوا في بعثرتنا كعرب, وفي استنزافنا, وفي قتل أشياء كثيرة وجميلة فينا، نعترف بأنهم صنعوا تلك المسافات العمياء بين العيون, وبأن كثيرين منّا يسيرون على غير هدى، ويبيعون للبقاء حتى موطئ قدم، لكن علينا ألا نسمح أن تهب رياح الخراب والدمار وبعثرة الدم على ضفاف بحارنا الجميلة وأوديتنا العريقة وأرضنا الطاهرة النقية، إنها السعودية, بوابة العرب نحو الخلاص، إن الذين يتشبهون الذئاب المسعورة والدببة الجائعة والضباع النهمة، هم أنفسهم الذين يحاولون رسم السراب، ينشطون عبر الأروقة الاستراتيجية، يعودون إلى خرافة التخويف، لكن الرياض هي الرياض، أتكلم هكذا لأنني أدرك كم أن الرياض مهمومة بقضايا الأمة المتشعبة والمتعددة المزمنة منها والعصية، وهي تعمل لإنقاذ الأمة من الزوال، لهذا أدرك كما يدرك غيري وبدقة خلفيات وأبعاد كل خطوة سعودية نحو العرب قاطبة، إن ثمة من يقرع طبول الخراب بلا هوادة ولا توقف، وهو ما يفترض بنا جميعاً، أن نعي الحالة الخطيرة التي نمر بها، لا أن نكون مجرد ضيوف شرف في صفقة يلعب الشيطان في أرجائها ولمصلحة الشيطان نفسه، يجب علينا جميعاً أن نقر بصعوبة أيامنا هذه، بل وباحتمالاتها وتأويلاتها الغامضة والضبابية والداكنة، لكن على أشجارنا ونخيلنا أن تكون واقفة بصلابة وثبات ويقين، هذا ليس نفخاً لغوياً، وجملاً إنشادية، وقصائد عصماء، لكن للإنسان السعودي خاصيته عندما يتكلم، لأنيريد أن يصنع المستقبل الذي يليق بالأمة العربية كافة.