تاريخ الأمة هو هويتها وذاكرتها يلهم الأجيال بما يحيي الماضي في نفوس أجيال الحاضر ويذكرها بجلال تاريخها ويحفزها للارتقاء إلى مجالات التطلع والتفوق والتقدم الحضاري والإبداع الفني، وفي كل بقعة من بلادنا لها تاريخ وآثار، ولا غرو فالجزيرة العربية مهد الحضارة وأولى بقاع الأرض التي حملت الإنسان الأول ومهدت له سبل الحياة. ولقد حظيت كثير من بلادنا بوجود مراكز علمية ومكتبات رائدة ومتاحف مرموقة إلا أن بعض المناطق في بلادنا تحتاج إلى العناية وإيجاد مراكز ومتاحف تهتم بالحفاظ على تاريخ وتراث بلادنا، ومن ذلك منطقة سدير وهي ذات تاريخ وذكر وشهرة ومكانة أنجبت عدداً من المؤرخين والعلماء والشعراء والرواة وتاريخاً حافلاً.
فهذه المنطقة تحتاج إلى مؤسسة ثقافية تعني وتحرص على جمع تراث المنطقة تحت سقف واحد والحفاظ على آثار المنطقة وتاريخها بما تحتوي عليه من تاريخ امتد عبر الزمن، ولقد قال نابغة بني شيبان:
أرى البنانة أقوت بعد ساكنها |
وقال عمرو بن الأهتم:
وقوفاً بها صحبي عليَّ مطيهم |
يقولون لا تجهل ولست بجَهّال |
فقلت لهم عهدي بزينب ترتعي |
منازلها من ذي سُدير فذي ضال |
وما أكثر شواهد الشعر وتعدد الشعراء قديماً وحديثاً الذين ذكروا هذه المنطقة وتاريخها وآثارها منذ القدم، وقد كثر ذكرها في كتب المنازل والديار كالهمداني وياقوت والحفصي والبكري.
ومن مؤرخيه ابن بشر وابن لعبون والمنقور والفاخري وغيرهم إن هذه المنطقة حافلة بشواهد تاريخية تحتاج إلى التوثيق وعسى أن نرى ذلك قريباً ضمن المشروع الشامل لجميع مناطق المملكة وإثراء حركة البحث العلمي والتاريخي والدراسات المتعلقة بتاريخ مناطق بلادنا وبث الحماس والتنافس بين المتخصصين والمهتمين بالتاريخ والآثار.
إن التاريخ حي يستمده الحاضر من الماضي ويقدمه الحاضر للمستقبل كم نحن في حاجة إلى حفز حركة البحث العلمي والتاريخي مما ينبئ بدراسات مستقبلية جادة تجلي الغموض عما خفي من تاريخ بلادنا وذلك مما يضاعف من مسؤولية الباحثين والمؤرخين لتقديم مزيد من الدراسات والبحث لخدمة تاريخ وآثار وحضارة بلادنا المباركة.
حفظ الله لنا بلادنا التي تعيش اليوم حاضراً زاهراً كما كانت بالأمس ذات مجد وعلم وهي تواصل اليوم المسيرة بكل عزم وقوة ونشاط لتحقيق المزيد من الأهداف الخيرة والغايات النبيلة في ميادين العطاء والإنتاج والعمل والتعليم.
(*) أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الأسبق
|