| |
لبنان والاحتكام إلى القانون
|
|
تعج الساحة الوطنية في لبنان بالكثير من ظواهر الأزمة السياسية التي يمكن أن يطلق عليها - إن جاز التعبير - الأزمة المتحركة أو أزمة حلقات السلسلة المترابطة والتي بدأت من التعديل الدستوري الذي استحدث بهدف إتاحة التمديد لرئيس الجمهورية اللبناني إميل لحود ومتابعة بعد ذلك من جمود سياسي ترجم على أرض الواقع بحملة اغتيالات مسعورة بدأت بتصفية عملاق لبنان رفيق الحريري وواصلت استهدافها للنخب السياسية والفكرية اللبنانية مع احتقان سياسي وحكومي حاد بين أطراف حكم يدعي كل منها بأنه الأكثرية وغيره الأقلية أو الأكثرية الوهمية، إلا أن الساحة السياسية اللبنانية وبالرغم من كل ما مرَّ بها من تغيرات وتجاذبات حزبية مقدمة الآن على مرحلة حبلى بأحداث قد تكون من المهددات الرئيسية والمباشرة للمنجزات الوطنية التي تم تحقيقها في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف بين الفرقاء اللبنانيين، ففي الوقت الذي تهدد فيه قوى ال8 من آذار بالانحياز إلى خيار النزول إلى الشارع وتتخذه كورقة للضغط على الحكومة الشرعية بلبنان يصر الفريق الآخر المعروف بتيارات وتجمع 14 آذار على ضرورة إقامة المحكمة الدولية في قضية اغتيال رفيق الحريري والاحتكام إلى فصل القانون، ومع أن النزول إلى الشارع هو حق طبيبعي وديمقراطي في مثل هذة الظروف إلا أن للحالة اللبنانية بتركيبتها الخاصة جداً من المميزات والمحاذير ما يجعل هذا القرار محل نظر وتحليل، خصوصاً إذا ما وضعت تحت المجهر مؤشرات إمكانية حدوث انقلاب سياسي يقودة الشارع المنقاد للخطب التعبوية وما قد يتبعها ويليها من خطوات وردات فعل مضادة من الطرف الآخر وأنصاره المعبئين سواء كان ذلك في حالة إقرار وتنفيذ المحكمة الدولية أو عدمه، تلك المحكمة التي أضحت الكثير من الأطراف والجهات سواء في الداخل اللبناني أو خارجه تهتم باتجاه إصبع الاتهام الذي سوف يتحرك منها أكثر من اهتمامها بالحكم الذي سوف يصدر عنها. ومهما كانت هذه المحكمه الدولية مثيرة لامتعاض أطراف عدة ومناوئة لمصالحها السياسية سواء كانت بداخل لبنان أو خارجه فإن إقرارها وتسهيل مهمة أعضائها والاحتكام إليها هو الأمل الوحيد الباقي لقطع دابر الفتنة في لبنان وإطفاء نار وأخطار الطائفية المحدقة به، وذلك ما يمكن أن يتحقق من خلال الابتعاد عن داء تضخيم الذات السياسية والتنازل من أجل الهدف الأعلى وهو لبنان والتنسيق مع هذه المحكمة والرضا والقبول بكلمة القانون لينال صاحب الحق حقه وينال المذنب جزاءه وتطوى صحفة الاغتيال المسيس واتهامات العمالة والتخوين ويحافظ لبنان على منجزاته الحضارية والمدنية المتمثلة في سلمه الأهلي وتعايشه السلمي في إطار دولة تحكمها إرادة القانون والعدل لا إرادة القتل والتخوين.
|
|
|
| |
|