| |
عندما يتحول الناقد إلى شاعر! أمسية للشعراء العرب في نادي الطائف!
|
|
* الطائف - خلف سرحان القرشي: أقام نادي الطائف الأدبي مساء يوم الثلاثاء 16-10-1427هـ عبر لجنة (إبداع) أمسية شعرية لأربعة من الشعراء العرب هم: د. أحمد عبد العزيز وأ. غسان عزيز ود. فوزي خضر ود. مصطفى السعدني. وقدم الأمسية الأستاذ خالد الخضري الذي بدأ بتقديم نبذة موجزة عن مشاركات الأشقاء العرب في الفعل الثقافي المحلي في السنوات القريبة الماضية، وقال إن عطاءات هؤلاء تمثلت في النقد والتحليل للنتاج المحلي، وكذلك في التوثيق له وكتابة تاريخه وتصنيفه إلى أجيال ومدارس، مستشهداً بنماذج عدة، منها محمد صالح الشنطي ود. حسين علي محمد والدكتور أحمد سماحة وعبد الله السمطي ويوسف عز الدين ودريد الخواجة وراشد عيسى وطلعت صبح وغيرهم. وأشار إلى أن دورية (علامات) التي يصدرها نادي جدة الأدبي شاهد عدل على ذلك، وقدم شكره وتقديره لكل من أسهم في خدمة الأدب السعودي من خلال الكتابة عنه أو تدريسه في جامعاتنا من أشقائنا العرب. بعد ذلك قدم أول فارس في الأمسية الدكتور أحمد عبد العزيز أستاذ الأدب والشعر في جامعة الطائف حالياً وصاحب المؤلفات المتعددة في مجاله وبدأ الشاعر مشاركته بقصيدة في رثاء أبيه وأتبعها بقصيدة مستوحاة من قصيدة (ينبع) للشاعر الإسباني لوركا. ومن قصيدته الأولى قوله: تجلى بوجهك حسن وأفرد في خلقه من ترى يغلق العين عن نوره تجلى فأشرق نادي... تبسما حل بأفئدة العاشقين فأنعم سلم منا إليه سلام فارس الأمسية الثاني هو الأستاذ غسان عزيز (من سوريا) وهو الآخر عضو هيئة تدريس في جامعة الطائف في مجال الأدب والنقد، استهل مشاركته بقصيدة غزلية بعنوان (إنا بشر): لولاك يا سمراء ما ظهر القمر في ركن وجداني وما كان البصر أنت التي شعت نظراتها هوى عبر الوجود وجاءني منها الخبر أقبل إلي وخذي يدي فبها الندى يجلو الهموم يدغدغ الوجد الأغر أتبعها بقصيدة في جبل (قاسيون)، منها: يا قاسيون... شموخي عاشق همما ما بين نجد وشام والسناء هما بعض الأنام سعت تغتال عزهما والله يرعاهما في كيد من ظلما إني أصارع دهراً في ربوعهما بين المسافات إذ قلب الغرام هما الدكتور فوزي خضر من مصر هو ثالث الشعراء، وقدم له مقدم الأمسية بقوله: إن أدباء ونقاداً كباراً شهدوا له بالتميز وإلابداع، ومنهم محمود درويش وصلاح عبد الصبور ونجيب محفوظ وعبد القادر القط وأمل دنقل وعبد المعطي حجازي وفوزي سعد عيسى وغيرهم، ويعمل حالياً أستاذاً للأدب والنقد بكلية المعلمين في الطائف. لم يلق د. فوزي قصائده جالساً بجانب مقدم الأمسية كبقية زملائه بل ذهب إلى منصة مجاورة وألقى قصائده واقفاً، وبإلقاء متميز وظف فيه تعابير الوجه وحركات الجسد ونبرات الصوت، مستفيداً في ذلك من خبرته في التعامل مع المسرح والجمهور. بدأ د. فوزي بقصيدة قصيرة بلا عنوان ثم أتبعها بقصيدة (سندريلا في قصر السلطان) ونزل من على المنصة عائداً إلى مكانه ليفأجأ بالجمهور يطلب منه قصيدة أخرى؛ مما جعله يعود إلى المنصة ثالثة ويلقي قصيدته (لم أمت لكنهم قتلوني)، ومنها: لم أمت لكنهم قتلوني... فاسكبيني قصة مبتورة في كأسك الأولى... ظميئا منذ ثدي الأم.. منفيا، جرعت الدرب قفزا، خلفي السوط، احتملت السقطة الأولى، حصاد النار، أزهار الفجيعة الدكتور مصطفى السعدني كان آخر فرسان الأمسية وهو أيضاً عضو هيئة تدريس في جامعة الطائف في مجال الأدب والنقد وله أكثر من أربعة وعشرين كتاباً، وبدأ بشكر النادي ولجنة إبداع لاحتوائهم هذه الكوكبة من الشعراء وإتاحة الفرصة لها للظهور والتعامل مع الجمهور ثم قدم قصيدتين هما (ترجيعات الزمن) و(رحلة الفصول الأربعة)، ومنها قوله: إقليمي جمجمة عارية من شارات الأحياء تطل من الريح لتعزف للميلاد البدء فلتقرأ رئتي يا شاعر ولتنسج إحساسي الحائر ولتحرق أجنحة الشجر الساخر ما عادت رحلتنا بين الماضي والحاضر ولتحملني قدمي إني ثائر... إني ثائر التعليقات والمداخلات استهلها الدكتور عاطف بهجات أستاذ الأدب والنقد بكلية المعلمين بالطائف والموجود دائماً في جميع فعاليات النادي، وبعد شكره للنادي ولجنة إبداع قال: إن في هذا اللقاء إشعاراً بالحميمية وقد سبق له معرفة فرسان الليلة كنقاد أكاديميين ولكنه عرفهم هذه الليلة كشعراء، وأكد بهجات أن القراءة للقصائد مهمة لإبداء رأي نقدي وأن مجرد السماع لا يكفي خصوصاً عندما تكون القصيدة الملقاة طويلة. وأشار إلى أن الدكتور غسان عزيز يكتب القصيدة بنفس شاب وأن قصيدته الأولى (إنا بشر) ذكرته بقصيدة (سمراء يا حلم الطفولة) الشهيرة، وعاب عليه استخدام مفردة محورية وتكرارها؛ لأن من شأن ذلك بعث الرتابة والملل في نفس المتلقي. وأضاف أن غسان أيضاً مغرم بالطبيعة وأنه ينشد الخلود عن طريق الشعر ويستحضر قصص الخلود العشقي كقيس وليلى، واقترح على الشاعر إعادة ترتيب أبيات قصيدته الثانية (قاسيون) لتتوأم البداية مع النهاية على حد قوله. وأكد بهجات أن القصيدة من بحر الكامل وليست من بحر الرجز كما قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة. وعاب على الشاعر ثانية استخدام تعابير مثل (معتبر) و(محترم) و(جاء النصر مزدحما)؛ لارتباط هذه الألفاظ والتعابير باللهجة الدارجة وليس بلغة الشعر. وأعجب بربط الشاعر بين جبل قاسيون وجبال الطائف. (وهل الطائف إلا قطعة من الشام؟) د. عاطف قوطع عند هذا الحد نظراً لانتهاء الوقت المحدد لكل مداخلة دون أن يقدم ملاحظاته عن مشاركات بقية الشعراء مما سبب له ولهم بعض الحرج. ثانية المداخلات للأستاذ منصور مريزن الحارثي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين أكد فيها أن التكريم هذه الليلة للحضور وليس للشعراء كما قال بذلك مقدم الأمسية، وأن الأمسية مزدحمة، وفضل لو كان عدد الشعراء أقل ليتسنى لهم جميعا الجلوس على المسرح جوار مقدم الأمسية طيلة الوقت وليس بمناداتهم واحداً تلو الآخر ليصعد ويلقي قصائده ويعود إلى مكانه بين الجمهور حيث بدا الأمر وكأننا في مسابقة، على حد تعبير الحارثي، الذي أضاف: إن لكل شاعر أناه الخاصة به كما أن لديه صورة عقلية ذهنية تتمثل من خلال مفردة مرجعية لها أبعادها النفسية وأن الشاعر يترك المتعة بحثاً عن الفكرة والتواصل معها. وأكد الحارثي أن الرمزية تقود إلى الفلسفة, وأن بين الحضور طلبة؛ فعلى الشاعر اختيار ما يتناسب من نتاجه ومقتضى حال الحضور. وقال الحارثي إن الغرض الشعري يفرض على الشاعر الإيقاع والوزن، وتساءل: هل أكاديمية هؤلاء الشعراء جعلتهم يصفون الشعر دون أن يبوحوا به. وأخيراً ذكر الحارثي أن في قصائد فوزي خضر صوراً متعددة يربطها خيط رفيع جداً يسير معها المتلقي للصورة الكلية النهائية دون أن يفقد منها شيئاً بفعل ذلك الخيط الرفيع. ثالثة المداخلات كانت للدكتور محمد عطا الله الذي وصف بناء القصيدة عند أحمد عبد العزيز بالرائع والجميل؛ لأنه قائم على الترابط النصي وكذلك التكرار، وأشار إلى جودة توظيف واستخدام الضمائر (الغائب والحاضر) عند الشاعر في قصيدته في رثاء أبيه، وأشار إلى أن هناك تعانقا واضحا للدال مع المدلول. وأشار عطا الله إلى أن (سندريلا) في قصيدة فوزي خضر رمز للحرية المفقودة وهو نفس الرمز الذي قصده نزار قباني في رائعته (قارئة الفنجان). عطا الله قال عن الشاعر السعدني إنه يعيش هموم وطنه ويحلم بالخلاص عن طريق الأنثى (معادل الحياة) وهو أي السعدني حائر يعيش الواقع ولم يستطع، كما أنه متأثر بالشاعر محمود حسن إسماعيل الذي قدم فيه أطروحته للماجستير، وتحديدا عن الصورة الفنية في شعره. المعلق الرابع كان الدكتور شعبان زكي من جامعة الطائف الذي أشار إلى أن (التمزق) بين الحاضر المرير والماضي التليد، وأن أحمد عبد العزيز متأثر بعيشه في إسبانيا بعد أن رأى آثار غرناطة وقصر الحمراء وبقية الأندلس، ذلك الفردوس العربي المفقود. وفي رثائه لوالده يستحضر أحمد عبد العزيز شوقي، وأكد شعبان أن النقد يتطرق دوما للمسكوت عنه في النص وأن الفتى (غسان) يبكي الجبل الذي يمثل صورة لزورق النهوض للأمة العربية. واختتم تعليقه بأن الأكاديمية أمدت هؤلاء الشعراء بمعين لا ينضب من الأدوات وأنهم جميعهم أجادوا. الأستاذ يزيد رزيق عوض طالب الشعراء في مداخلته بالتفاؤل لأن من بين الحضور طلبة يجب بعث الأمل أمامهم وعاب على الشعراء بجانب التشاؤم ذهابهم للرمزية وأتون الإيحاءات مؤكدا أنه لا بد من الإيضاح والظهور وعدم الخوف!!! الأستاذ فايز النمري من جريدة عكاظ تمنى زيادة عدد الشعراء وليس تقليلهم وتمنى مشاركة بعض طلبتهم المبدعين بجوارهم وتساءل: هل يصبح الناقد بعد تأليفه خمسين كتاباً أو نحوها شاعراً؟! وقال إن المبدع نزار قباني طرأ على باله كثيراً الليلة. علي العمري (طالب بكلية المعلمين) شكر النادي وتمنى الاهتمام بالإعلان المكثف عن مثل هذه الفعاليات وجاوبه مدير الأمسية بأن الإعلان قد تم بشكل مكثف من خلال النشر عنها في الصحف اليومية وخصوصاً في الصفحات الثقافية والأدبية وطالب المهتمين بالمتابعة للصحف، وأضاف أنه تم وضع لوحات قماشية إعلانية عن الأمسية عند تقاطعات الشوارع الرئيسية في المحافظة كما تم توجيه رقاع الدعوة للمهتمين. أحمد الحارثي (طالب من جامعة الطائف) قال إنه جاء متشوقا للشعر ظانا أنه من الفصيح لكنه أصيب بخيبة أمل إذ كان الشعر من الشعر الحر على حد قوله وأكد أنه من المحافظين. وتمنى محمد الشهري (طالب في جامعة الطائف) سماع شيء عن مآسي عالمنا الإسلامي ومعاناته وآلامه! الدكتور الشاعر مصطفى السعدني عقب نيابة عن زملائه الشعراء المشاركين على التعليقات والمداخلات وقال إن لكل قارئ الحق في قراءة النص قراءة خاصة ولكل قراءة مشروعيتها شريطة تماسكها وتعد قراءة مبدعة. وأثنى السعدني على مشاركات الطلبة وطالب بإقامة أمسيات إبداعية لهم؛ لأن رعاية الأجيال القادمة مطلب حضاري، ووجه حديثه للطالب الحارثي قائلا: أنت طالب في القرن الحادي والعشرين وفي قرية كونية واحدة بها الكثير من المتغيرات ولا بد من التفاعل مع كل التيارات والمذاهب والمعطيات شريطة التمسك بالقيم والمبادئ، فمن ليس له ماض لا حاضر له. وأكد السعدني أن الأمسية باكورة لناد له حاضر ومستقبل وأن الوطنية أن تعيش قضايا الوطن وأن الشعر موازاة رمزية للواقع وليس هو الواقع، وأكد أن زملاءه أجادوا التعبير الرمزي، وأن ما قالوه الليلة من شعر قد كتب أغلبه قبل ثلاثين عاماً ولا دخل للأكاديمية فيه. لقطات * أحسنت لجنة إبداع باختيارها هؤلاء الشعراء إذ خرج غالبية الحضور بانطباع جيد وجميل عن مستوى شعرهم وأحسنت كذلك باختيار الأستاذ خالد الخضري لإدارتها؛ إذ أظهر تمكناً يحمد عليه عطفاً على ما لديه من سابق خبرة في هذا المجال رغم تطرقه لتكريم الشنطي من قبل وزير الإعلام وإشادة وكيل الوزارة الدكتور السبيل به؛ أي الشنطي، وهذا ليس له علاقة بموضوع الأمسية! * الأستاذ فهد الثقفي مسؤول العلاقات العامة والإعلام بالنادي بذل جهوداً ملحوظة أسهمت بشكل كبير في إنجاح الأمسية وظهر متعاوناً مع الصحفيين، وليس هذا بغريب عليه فهو صحفي سابق يقدر جيداً رسالة الإعلامي. * شهدت الأمسية حضوراً كبيراً ملأ قاعة النادي تقريباً، وهذا يعكس أن أي فعالية ثقافية تحسن خدمتها بدءاً باختيار حكيم للمشاركين وكذلك بالإعلان الجيد والتنظيم المسبق ستكون ناجحة بإذن الله. * غاب عن هذه الأمسية رئيس النادي الدكتور جريدي المنصوري لظروف خاصة وكذلك الدكتور عالي القرشي عضو مجلس الإدارة لمشاركته بملتقى ثقافي بنادي الباحة الأدبي، بينما حضرها الأستاذ حماد السالمي نائب رئيس النادي والدكتور عايض الزهراني والأستاذ أحمد البوق والأستاذ مناحي القثامي أعضاء مجلس الإدارة. * كان من المقرر مشاركة شاعر سوداني هو الواثق عبد الرحمن لكنه اعتذر ورشح بدلاً منه الشاعر تاج السر، وحتى البديل لم يحضر! * الأستاذ طلق المرزوقي رئيس لجنة إبداع والقاص المعروف بدا مبتهجاً وفرحاً بعد نهاية الأمسية، وتلقى التهاني بنجاحها، وطلب من الجميع الوجود في نشاط اللجنة القادم، وهو قراءة لديوان الأستاذ عبد الله السميح (متدثر بالبياض) من قبل الدكتور عاطف بهجات في السابع من شهر ذي القعدة.
|
|
|
| |
|