|
عن وطني
|
كبيرٌ أنت يا وطني..
تهزأ بِمَنْ يكيد لك غلاً وكراهيةً..
وتسخرُ ممن يُضْمِرُ لَكَ شراً..
بل تتوعده بما يستحق.
***
وما من يوم هزمك سوء التقدير..
أو خانتك الفراسة في تقدير الأمور..
فأنت عظيمٌ وكبير..
وأنت المنتصرُ أبداً.
***
وها أنت تظهر قوتك من جديد..
وتصل إلى هؤلاء في أقبيتهم..
تؤدبهم..
وتعلمهم أن لا رحمة لمن يسيء لكرامة الوطن.
***
ومع كل هذه الدروس البليغة التي يسديها الوطن لهم دونما فائدة..
وحيث توجد اليد الطويلة التي تمتد في تواصل لافت لاجتثاث هؤلاء من معاقلهم..
بما عرف عنها من شجاعة وجسارة وقدرة على حماية الوطن..
نقول لهؤلاء ولنا بأنَّ للوطن دَيْنَاً علينا، يحميه أبناؤه المخلصون بمهجهم وأرواحهم وأموالهم.
***
فيا أيها الوطن الحبيب..
أنت في قلوب أبنائك..
وأنت حبهم الأول والأخير..
ولا خير فيهم إن قصروا أو تقاعسوا عن حمايتك
والدفاع عنك.
***
وأمنُك..
وسلامتُك..
وعزُّك..
هي همُّ الجميع وشغلهم الشاغل..
فهذا عهدٌ ووعدٌ..
ومرة أخرى لا خير فيمن ينكث العهد ولا يفي بالوعد.
***
المملكة إذاً ستبقى عصيةً على أعدائها..
تتباهى بمكانتها الروحية..
وتاريخها المجيد..
وسلامتها في الداخل وعلى الحدود إن شاء الله.
خالد المالك
|
|
|
العيون التي تغنى بها الشعراء
|
* إعداد: هيفاء دربك
العيون هي مرآة الروح التي غنَّى لها الشعراء عبر العصور أغنيات الوجد والهيام، وهي صاحبة أشهر لغة في الأرض يتحدث بها الناس أجمعون، فهي افتتاحية الوجه والبصمة الأولى التي تميزه . وإذا كان الشاعر العربي القديم أوجز في لغة العيون عندما قال: (سألتها لكن بغير كلام.. فتكلمت لكن بغير لسان) فإن المتخصصين أكدوا أن لغة العيون تمثِّل 55% من لغة التخاطب بين الناس، بينما تحظى الكلمة المنطوقة بنسبة 7%، وموسيقى الصوت 38%.
ورغم أن للرجل أيضاً عيوناً إلا أن عيون المرأة كانت وما زالت هي الشغل الشاغل للشعراء والمطربين، بل الناس كافة باعتبارها من أهم مفاتنها، ولأن الناس فيما يعشقون مذاهب فقد اختلفت الرؤى حول تلك المفاتن، فالغرب مثلاً كالفرنسيين أول ما يجذبهم في المرأة عيونها، والصينيون يعتقدون أن العيون الجميلة لها تأثير قاتل كلدغ الثعبان، فهناك حكمة صينية تقول (احذر شيئين، لدغة الثعبان وعيون المرأة الجميلة).
العيون القتَّالة
في رحلة العيون عليك أن تبحر في مغامرة غير مأمونة العواقب، بكل ما فيها من إثارة وفتنة وسحر، وكل ما فيها أيضاً من حسد وصيد وقنص، وأيضاً قتل في أحيان كثيرة كما أكد الشاعر العربي (جرير) مصدقاً على الحكمة الصينية عندما قال:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
وأمير الشعراء (أحمد شوقى) بدوره لم ينجُ من تلك العيون القتالة، إذ يقول:
جفنه علم الغزل من العلم ما قتل
وإذا كانت هناك عيون قتَّالة فإن هناك أيضاً عيوناً جراحة وعيوناً قناصة، وعيوناً بتشوفها بتسلم للهوى سلاحك، على رأي الفنان (محمد فوزي) وعيون نعسانة وعيون سهرانة وكل هذه العيون نظم لها الشعراء أجمل قصائدهم، كما غنى المطربون أحلى أغانيهم، وخاصة النوع الأخير، العيون السهرانة، معتبرين أن مسألة السهر والسهد والأرق من لزوميات العشق والوله، ومن علامات العاشق المتيم، فمثلاً الشاعر (جورج جرداق) كتب أجمل الأبيات الشعرية في سهر العيون الجميلة، وهي التي غنتها أم كلثوم في (هذه ليلتي) حيث قال:
سهر الشوق في العيون الجميلة
حُلم آثر الهوى أن يطيله
ولأن السهر دليل على شدة العشق راح الجميع يشكو من هذا السهر وذاك العشق، وأصبح مستغرباً أن يتحدث أحدهم عن حبه وهيامه دون أن يشكو من السهر شوقاً إلى محبوبه.
عيون ساحرة
والعرب القدامى جعلوا من العين رمزاً للحكمة وصواب الرأي، فقالوا: (عين الحكمة، وعين الصواب، وعين العقل، إلا أن البعض يرى أن العين نفسها قد تؤدى إلى جنون المفتون بها، والتي كان (وديع الصافي) أحد ضحاياها حين قال:
على رمش عيونها قبلت هوى..
طار عقلي مني وقلبي هوى!!
فالعيون الجميلة لا تعرف الرحمة، وخاصة إذا كانت العين تتمتع بالتألق والسحر، فالعين الساحرة قد تحيلك إلى جماد كعيني (ميوزا) في الأساطير الإغريقية والتي يتحول من ينظر إليها إلى عمود من الملح، ويبقى على هيئته التي تجمد عليها إلى الأبد!!
وتأخذ (شادية) عبرة مما لاقاه الشعراء من عذاب، فتحذر من تلك العيون الساحرة التي تخفي تحت رموشها كل وسائل التعذيب وتقول: (آه تحت الرمش عذاب وحنين وعتاب وعيون ما تنام)!! وتؤكد على كلامها (نجاة) قائلة: (يا ما شوفنا في عيون حلوين.. حكايات القلب المسكين)!!
أما (عبد الحليم حافظ) فهو لا يدري إلى أين تصحبه تلك العيون الساحرة، فيتساءل في دهشة: (يا راميني في سحر عنيك الاثنين.. ما تقولي واخدني ورايح فين)؟!
فإذا عاتبه أحدهم برر موقفه قائلاً: (لو شفتم عنيه.. حلوين أد إيه)!!
ولكن أحمد السنباطي الذي يفضل المغامرة يبادر بقوله: في رحلة العيون..كل شيء يهون.
وها هي شاعرة من ذوات العيون الساحرة تفتخر بتلك العيون قائلة: إن سهمي في عيوني... عجزت عنها الدروع
وهنا يتدخل الطب ليعلن أن الموقف جد خطير، فالأسهم التي تعجز عنها الدروع ليست سوى مرض الرمد الربيعي الذي ينقل العدوى عن طريق العين المصابة، وينصح الأطباء بعدم الاستجابة لدعوة مريبة كدعوة (ليلى نظمي) (شوف عيني مالها)!! فربما دُس السم في العسل، ولتكن (فايزة أحمد) بمثابة عبرة بعد أن أصابتها العدوى من فتاها فقالت: (مال على عيني قلت آه يا عيني!!).
يبدو أن الشاعر العباسي الشريف الرضي يجازف قائلاً:
وبعداً لعيني لِمْ أصابته بالأذى
وإلا تلقت واقع السوء قبَلُه
فيثير حنق الشاعر الكفيف بشار بن برد، الذي يحذر قائلاً:
إن في عينها دواءً دواءً
لِملِمًّ،والداء قبل الدواء
عين الحسود
وإذا كانت كل تلك المخاطر تكمن خلف سحر العيون، فالعيون الحاسدة خطرها اكبر، ويأتينا صوت (محمد عبد الوهاب) شاكياً في ألم يمزق القلوب: (حسدوني وباين على عينيهم).
أما بشار ابن برد فلم يدخر جهداً، وحذر خليلته قائلاً:
أطيعي عدواً واحذري عين حاسد
عقاربه تسري ونحن قعودُ
أما (فريد الأطرش) فقد كان أكثر فطنة عندما قال: (عين الحسود فيها عود يا حلاوة)!! إلا أن مثل هذه (العكوسات) قد لا تمنع العين الحاسدة، فيقع المحسود في مصائب لا حد لها، ويتساءل في ضيق وسخط مع (محمد قنديل):
(أهرب فين من عيونه.. بتعدى لي البحور)!!
ولأنه لا يجد مفراً من الحسد فهو يتضرع في أغنية (سماح) للحاسد قائلاً: (نظرة بعين الرضا)!! ويطمئنه أحد المتمسكين بأصالة التراث الشعبي مذكراً إياه بأن (العين عليها حارس).
ولا يتوقف خطر العيون عند السحر والحسد، فهناك العين (البصاصة) التي تدب فيها رصاصة كما يقول المثل الشعبي، وهي عين تتسلل من وراء الحجب في فضول، وتتلصص لتفشي الأسرار وتكشف الخبايا، فيقول (صلاح جاهين) في رباعياته:
وراء كل شباك ألف عين مفتوحين
وأنا وأنت ماشيين يا غرامي الحزين
مما دفع (محرم فؤاد) لينصح حبيبته قائلاً: داري جمالك دي العيون بصاصة!!، أما أعجب البصاصين فهو ذلك الشاعر الذي يرى بقفاه:
وتجحظ مني العين
إذا ما الجمال هفا
ولو ساورتني الظنون
فإني أرى بالقفا
وإذا كان (جورج جرداق) قال لحبيبته ثم أغمض عينيك حتى تراني فإن (ميادة الحناوي) أخذت النصيحة لنفسها فهي تغمض عينيها حتى لا يراها البصاصون فيهما أي أثر للحب وأما أغمض ع الهوى لا الناس تشوفه في عينيه..
تفتن على، فإذا أمنت شر لك العيون، غنت مع العندليب الأسمر: ولا حدش بيبص علينا!! وقد وضعت (فايزة أحمد) نفسها في موقف لا تحسد عليه وهي تتلصص على غريمتها التي حلت محلها في قلب حبيبها:
إني أراها في جوار الموقد
أخذت هنالك مقعدي
فإذا تم ضبط صاحب العيون المتجسسة متلبساً بجريمته، فلن يجد دفاعاً عن نفسه سوى أن يردد ما قاله (رياض السنباطي):
(ولياً عيون إذا شافت..
تحب تشوف كمان مرة!!
أما الأطباء فيتدخلون لتبرئة تلك العيون، فذوو العين البصاصة يضطرون إلى زم الجفون وتضييقها فوق الحدقة ليتسنى لهم الرؤية المركزة، وهي أعراض مرض ارتخاء الجفون، والذي يرجع إلى ضعف عضلة الجفن.
ألوان العيون
وللعيون أيضاً ألوان ساحرة، يحكي عنها الصاحب بن عباد المؤرخ العربي القديم فيقول: (العين الخضراء تدخلك جناتها، والزرقاء تغرقك في بحورها، والعسلية تذيقك من عسلها، أما السوداء فتقتلك بسحرها!!).
ويؤكد الشاعر (يوسف راشد) تلك المقولة في العين الخضراء فيقول: وخلف اخضرار العيون أرى جنة وارفة.
أما عبد الحليم فينحاز إلى العيون ذات الحدقات السوداء فيقول: (العيون السود رموشهم ليل)، ويبدو أن (وردة) تفضل بدورها العيون السود: (أد العيون العيون السود باحبك) ولكن تجربة الشاعر (نزار قباني) مع صاحبات العيون الزرق تقطع الشك باليقين، فالموت غرقاً شر لا بد منه، إذ يقول:
الموج الأزرق في عينيك... ينادينى نحو الأعمق!!
ويتدخل الأطباء قائلين إن اللبس وارد في المسألة، فمرض (الجلوكوما) أو السحابة الزرقاء التي تغطي الحدقة قد يخدع الناظرين، ولذا فإن (شادية) تفضل العين العسلية، وتكيد من يفضلون الألوان الأخرى قائلة: (ولا أدك مية يا بو العين العسلية!!) ولأن الأطباء محايدون بطبعهم، ولا يشغلهم التأثير الجمالي للون العين فهم يقررون في ثقة أنها مجرد عوامل وراثية لا دخل للإنسان فيها، والمسئولية تقع على غدة الميلانين التي تقع تحت الجلد، والتي تحدد لون البشرة بما فيها لون إنسان العين، إلا إذا تحايل البعض واستخدم العدسات اللاصقة بألوانها المتعددة!!
أما الشاعر (محمد أبو دومة) الذي لا يأبه بالطب، فيقف معاتباً لإغفال العين الشهلاء، وهي العين التي يمتزج في إنسانها اللون الأخضر مع الأزرق، أي التي امتزج في إنسانها لونان، ويذكرنا بأن له ابنة عم تدعى أحلام تتميز بعيون شهلاء، وينشد في حضرتها: (ينسال رحيق سمائِكَ يا الله الصافي في عينيها.. تستلهما الشهلاء!
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|