هناك إجماع على أهمية النوم لصحة الإنسان العضوية والنفسية، والأرق ليس مرضاً في حد ذاته ولكنه عرض يكثر تواجده في معظم الحالات النفسية مثل القلق والاكتئاب وقد يكون مصاحباً للعديد من الأمراض العضوية أيضاً، والأرق من أكثر الأسباب التي تحد من نشاط الإنسان وفاعليته وتؤثر على كفاءته في عمله بل إن قلة النوم من العوامل الرئيسية وراء حوادث السيارات، وأقل ما يمكن أن يتسبب فيه الأرق هو تعكير المزاج الذي يجعل الإنسان مضطرباً وعرضة للانفعال والغضب، وقبل أن أتعرض لمشكلة الأرق الذي يعاني منه نسبة كبيرة من الناس لابد من الحديث عن النوم نفسه ومحاولات فهم فسيولوجيته ومراحله الطبيعية.
المعروف أن حاجة الأفراد للنوم مختلفة ومدة النوم الطبيعي تراوح ما بين خمس وعشر ساعات أما المتوسط فهو ثماني ساعات.
وفسيولوجية النوم لها أربع مراحل علمية:
المرحلة الأولى الاسترخاء والبدء في الدخول في النوم.
المرحلة الثانية نوم أكثر عمقاً يسهل فيه إيقاظ النائم بمجرد رفع الجفن.
المرحلة الثالثة درجة عمقها أشد، وينعكس هذا في تموجات النوم البطيء التي تظهر في رسم المخ الكهربائي.
المرحلة الرابعة والتي تشبه الغيبوبة يفيق النائم بعدها قليلاً وتبدأ عيناه تحت الجفون المقفلة في حركة سريعة، وهذا المستوى من النوم هو الذي تحدث فيه الأحلام ولو استيقظ الإنسان لسبب أو لآخر أثناء هذه المرحلة يستطيع أن يتذكر أجزاء مبعثرة من حلمه.
وتأخذ المراحل الأولى نحو تسعين دقيقة، بينما الأحلام التي نتخيل حدوثها خلال الزمن الذي نستغرقه في النوم لا تأخذ في حقيقة الأمر سوى عشر دقائق، وهي فترة النوم المصحوبة بحركة العيون السريعة.
ومن الطريف أن الأبحاث التي أجريت على النوم واحتياجات الإنسان إليه أثبتت أن الإنسان بطبيعته في حاجة للنوم مرتين في اليوم وأكثر الفترات هي الصباح المبكر وما بعد الظهيرة.
والنوم مرتان في اليوم شيء عادي في مجتمعنا، وقد بدأت المجتمعات الأخرى التي لا تمارس هذه العادة إدراك صحيتها الآن وإعطاء الأهمية لها.
والآن لنعود للموضوع الرئيسي فأكثر أنواع الأرق شيوعاً هو صعوبة البدء في النوم والإرغام على السهر وهذا النوع من الأرق له علاقة قوية بحالات القلق أو يكون وقتياً راجعاً لمشكلة يمر بها الإنسان تجعل فكره مشغولاً وتحرمه من النوم.
أما النوع الآخر من الأرق فيظهر في الاستيقاظ المفاجئ في ساعة مبكرة غير المعتاد عليها وعدم مقدرة الإنسان للعودة للنوم مرة أخرى، وهذا النوع من الأرق له مدلول مرضي يشير في أغلب الأحيان إلى حدوث حالات معينة من الاكتئاب.
وأسهل السبل لعلاج الأرق هو زيارة الطبيب من أجل وصفة علاجية من أقراص منومة ولأن الأرق من الأعراض التي لا يوجد لها حلول سريعة أو سحرية فلابد للفرد الذي يعاني من هذه المشكلة أن ينظر إلى طريقة نومه ويحاول بقدر الإمكان اتباع أسلوب صحي والالتزام بنظام معين فيه، ولا شك أن هناك أموراً معروفة لمعظم الناس لها تأثيرها على النوم؛ لذا فينصح بتجنبها مثل تناول الطعام الدسم قبل النوم أو تناول المنبهات مثل القهوة والشاي، ولابد أن يراعي الإنسان أهمية غرفة النوم وفصلها تماماً عن نشاطاته الأخرى، فكثير من حالات الأرق ترجع إلى تحويل غرفة النوم إلى مكتب أو مكان عمل آخر، ومن المهم أيضاً تجنب المناقشات التي تتعلق بموضوعات جادة قبل النوم.
وفي حالة فشل كل المحاولات للتغلب على الأرق فمن الطبيعي أن يستشير المريض الطبيب ليس فقط من أجل البحث عن علاج ولكن لمعرفة أسباب هذا الأرق الذي قد يكون مجرد عرض ظاهري لمرض نفسي أو عضوي يتطلب الفحص والعلاج الخاص.