مما لاشك فيه أن المملكة في الأعوام الأخيرة شهدت نقلة نوعية كبيرة في الأنظمة الإلكترونية على النطاق الحكومي، فقد طبقت الوزارات والهيئات الحكومية التعامل الإلكتروني بمتابعة المعاملات ومعرفة متطلبات المراجع واقتراحاته من خلال مواقع الإنترنت، بل وفرضت تعاملا إلكترونيا كما حدث في تسديد رسوم الجوازات والمخالفات المرورية وهو نوع من التثقيف الإلكتروني وتهيئة بما يعرف ب(المواطن الإلكتروني) وهذا أمر هام جدا،وبالتالي نضمن هنا تخفيف الزحام في الأماكن الحكومية وعدم تعطيل الموظفين لأشغالهم بمتابعة معاملاتهم أو لمعرفة متطلبات معاملة ما أو لسداد فاتورة او رسم حكومي ما، فيستطيع ان يقوم بهذه الأعمال في أي وقت يشاء ومن اي مكان يريده، فثورة نظم المعلومات ولدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وأخذت تكبر شيئا فشيئا الى أن وصلت الى بركان هائل متسارع في الأفكار التقنية والتقدم المعلوماتي، وسيأتي اليوم الذي يشار فيه الى الشخص الذي لا يعرف الكمبيوتر والإنترنت بأنه أمي، ويبدو ذلك واضحا في إعلانات طلبات التوظيف فدائما يطلبون بأن يكون لديه إلمام جيد بالكمبيوتر واللغة الإنجليزية، من هنا يأتي دور هام في عملية تثقيف المواطن الإلكتروني وتوسيع نطاق قدراته، فعلا هناك فئة الشباب السعودي أصبح الكمبيوتر شغلها الشاغل والتطور التقني والإلكتروني مطلبها، فأنظر الى تقرير (المنظمة العربية للتنمية الإدارية) الذي أفاد بأن المملكة تحتل المركز الأول في تعداد المواقع الإلكترونية، فالشباب السعودي مهيأ للتطور الإلكتروني بشكل كبير، واليوم لا تخلو وزارة أو هيئة حكومية من موقع إلكتروني تستطيع أن تتواصل فيه مع المسؤولين بكل يسر وسهولة، وفي الحقيقة يصلني كل يوم أيميلان من مواقع إلكترونية حكومية بآخر الأخبار والمستجدات، وباعتقادي أن في الأعوام القادمة ان شاء الله ستشهد المملكة تطورا إلكترونيا فريدا ومذهل في نظم المعلومات والتقنية البصرية وسنجد التطور الإلكتروني يقتحم حياتنا اليومية سريعا وبلا تردد فلا بد أن نهيئ أنفسنا لاستقبال هذا التطور لنستطيع التعامل معه ونكون بمعرفة لما يجري حولنا من التقنية الإلكترونية والاتصالات ونظم المعلومات،فالتقنية الإلكترونية أصبحت من حولنا في كل مكان، ومن خلال مشاركتي في بعض المعارض والمؤتمرات العربية كنت أجد أن للمملكة سمعة جيدة في أنظمة التطور الإلكتروني والتقني، وها نحن نرى التقنية المعلوماتية أصبحت جزءا من اهتمام أي وزارة او هيئة حكومية لكن هناك نقطة هامة هي عملية نشر الوعي الإلكتروني أو تثقيف المواطن إلكترونيا وهذا دور مديري الإدارات الإعلامية ودور وزارة الإعلام أيضا.
ولعل الاهتمام الذي أولته حكومة خادم الحرمين الشريفين بأنظمة الحج والعمرة الإلكترونية كان القفزة الكبرى في مجال الحكومات الإلكترونية حيث طبق نظام التعامل الإلكتروني بكل سفارات المملكة العربية السعودية بالعالم وبدأت بشكل تقني مبهر منذ تقديم طلبات التأشيرات إلى مغادرتهم سالمين الى أوطانهم، ويمكن اختصار مبدأ مسمى الحكومة الإلكترونية فيما يلي:
أنظمة مخازن المعلومات Data Warehousing
وأنظمة تخطيط المصادر Enterprise Resource Planning
وإنشاء البوابات الإلكترونية الحيوية Enterprise Dynamic Portals
ومراكز المعلومات البديلة (الطوارئ) Disaster Recovery Centers
مع وجود طرق أخرى لتأمين المعلومات وحفظها ومعالجتها لتوفير الوقت والجهد مع إعطاء الدقة المتناهية في العمل.
بناءً على ذلك كان البحث عن أحدث التقنيات العالمية المتخصصة في تأمين نقل البيانات ومعالجتها دون أي تأخير وضمان عدم ضياعها لأي سبب طارئ، أي باستخدام تقنيات المعالجة اللحظية (Real Time Processing) لمعالجة البيانات، المستخدمة حاليا في إدخال ومعالجة بيانات الراغبين في أداء العمرة والحصول على الموافقات اللازمة لإصدار التأشيرة اللازمة لأداء مناسك العمرة وزيارة مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. بالإضافة الى إدخال كافة بيانات برنامج العمرة والخدمات التي طلبها المعتمر لتقديمها له خلال تواجده في المملكة.
ومن الميزات الإضافية للأنظمة هي تعاملها مع واجهات الإنترنت (Dynamic Portal) بشكل فعال يمكن من تبادل المعلومات من خلال هذه التقنية. ويمكن الاستفادة فعلياً منها في أتمتة جميع المعاملات الورقية التي تقوم بها المكاتب الحكومية والخاصة التي لها علاقات تعاملية مع جهات رسمية. فقد تم فعلياً تطبيق هذه التقنيات وتصميم برامج الحكومة الإلكترونية عليها في العديد من الوزارات والهيئات الحكومية مثل وزارة الخارجية والداخلية والحج والعديد من الوزارات الأخرى ما يعرف ب: (BTG-Business To Government)، وبذلك وفرنا كماً كبيراً من الوقت والجهد بدقة متناهية وأرشفة آمنة متكاملة وتم التطبيق الفعلي لأنظمة الحكومة الإلكترونية الحقيقية.
لكننا لم نصل بعد الى المستوى التقني والإلكتروني الذي نستطيع أن نقول جازمين بأن لدينا حكومة متكاملة ولا توجد دولة في الشرق الأوسط طبقت هذا التكامل، فلا بد من دخول عناصر شابة وعقول متطورة في الأنظمة الإدارية والمالية تقوم بعملية التغيير الإلكتروني في ظل خبرات الأجيال السابقة في آلية هذا التطبيق وخبرتهم الكبيرة.
لكننا سنعمل جاهدين بإذن الله لنسمو بهذا الوطن في الرقي التقني والإلكتروني، هذا الوطن الذي يعمل جاهدا ليل نهار لتقديم ما هو أفضل لضيوف الرحمن وللمواطنين ولكل من سكن أرضنا الحبيبة الغالية،نسأل الله التوفيق والنجاح.
*مدير مجلة العلاقات العامة والإعلام -بجدة
fthahabi@hotmail.com