في أعقاب انعقاد المؤتمر الوطني للتعاملات الإلكترونية الحكومية، وفي ظل الخطوات المدروسة والجادة نحو مجتمع المعلومات، يرى المراقبون أن المرحلة القادمة ستلقي على عاتق هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، المزيد من المسؤوليات والأعباء الإضافية التي تصب في مجملها في خانة الارتقاء بالاستخدامات التقنية، وخدمة الوطن والمواطن، استضفنا في هذه المساحة الدكتور محمد بن إبراهيم السويل محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ليحدثنا عن واقع الخدمات التقنية والاتصالات، ومستقبل خطط الهيئة في هذا الاتجاه، وإلقاء الضوء على الكثير من الموضوعات المتعلقة بهذا الشأن.
* ما أبرز ما اضطلعت به هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات هذا العام؟
- واصلت الهيئة جهودها في تنفيذ السياسات المعتمدة لتطوير وتحرير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وفتح سوقه للمنافسة، والسعي لحفظ التوازن بين مصالح المستخدمين ومقدمي الخدمات والمستثمرين. كما حرصت الهيئة على أداء جميع المهام المناطة بها بوضوح وشفافية، والأخذ بأفضل التجارب العالمية واستشارة العموم من المعنيين والمهتمين، ونشر قراراتها والمعلومات المتعلقة بأعمالها في موقع الهيئة الإلكتروني على شبكة الإنترنت www.citc.gov.sa. ومن أهم الإنجازات التي تحققت حتى عام 1427 هـ:
- الاستمرار في إصدار المزيد من التراخيص لتقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، وقد بلغت التراخيص الصادرة من الهيئة لتقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات حتى تاريخه (228)، التي من أهمها:
* الترخيص الثاني لتقديم الاتصالات المتنقلة بتقنية الجيل الثاني (GSM).
* ترخيصان لتقديم خدمات الاتصالات المتنقلة بتقنية الجيل الثالث (3G).
* ترخيصان لتقديم خدمات المعطيات (DATA).
- الاستمرار في تنظيم أسعار خدمات القطاع بهدف تخفيضها وبالقدر الذي تتطلبه المنافسة وقوى السوق (العرض والطلب).
- الانتهاء من إعداد مشروع الخطة الوطنية للطيف الترددي.
- إنجاز وثيقة سياسة الخدمة الشاملة وحق الاستخدام الشامل.
- المشاركة في إطلاق برنامج التعاملات الإلكترونية (يسر).
- مراجعة واعتماد العرض المرجعي لربط الاتصال البيني بين المشغلين.
- إعداد مشروعي نظام التعاملات الإلكترونية ونظام الجرائم المعلوماتية.
- إصدار وثائق شروط ومتطلبات إصدار تراخيص جديدة لتقديم خدمات الاتصالات الثابتة والمتنقلة.
* كيف تقيمون الخدمات التي تقدمها الشركتان الحاليتان في مجال الاتصالات؟ وهل تراقبون أداءهما بشكل مباشر؟
- بكل تأكيد، فإن من أهم مهام الهيئة متابعة أداء الشركات المرخص لها، حيث تقوم الهيئة بمتابعة تنفيذ تلك الشركات التزاماتها وفق التراخيص الصادرة لها بشكلٍ مستمر، وتوجيهها عند وجود أي ملاحظات أو قصور أو مخالفة لا تتفق مع شروط ومتطلبات التراخيص الصادرة من الهيئة. أما بخصوص تقييم الخدمات المقدمة من قبل الشركتين، فلا شك بأن هناك تحسناً كبيراً في مستوى جودة وأسعار خدمات الاتصالات المتنقلة وتعدد المزايا المقدمة من خلالها. وشهدت خدمات المشتركين ومنافذ البيع قفزاتٍ كبيرةً خلال السنوات القليلة الماضية، وهذا أمر يدركه الجميع. كما شمل تخفيض الأسعار خدمات الاتصالات المتنقلة.
- فعلى سبيل المثال شهدت الأسعار انخفاضات متلاحقة منذ إنشاء الهيئة خصوصاً في مجال الاتصالات المتنقلة والاتصالات الدولية، وسأدع بعض الأرقام والمؤشرات تتحدث:
- في مجال الاتصالات المتنقلة: انخفضت تكاليف التأسيس من 100 ريال عام 1422هـ إلى أقل من 50 ريالاً، وفي حالات كثيرة أصبحت مجانية، كما انخفض متوسط الاشتراك الشهري من 60 ريالاً إلى 35 ريالاً في المتوسط (-42%)، أما سعر المكالمات فقد انخفض من 0.95 ريال للدقيقة عند إنشاء الهيئة عام 1422هـ إلى 0.35 ريال في المتوسط حالياً (-63%).
- وفي تقريرٍ شامل ومحايد صدر مؤخراً (أكتوبر 2006م) عن شركة (المرشدون العرب)، فقد صنف مستوى أسعار الاتصالات المتنقلة في المملكة بأنه أقل من متوسط أسعار الدول العربية، ويعد منخفض التكلفة بالنسبة لمتوسط دخل الفرد في المملكة. وبالمقارنة مع الدول المتقدمة، فإن أسعار الاتصالات المتنقلة في المملكة تعتبر أقل بكثير من مستوى الأسعار في الدول الأوروبية.
- وبالنسبة للاتصالات الدولية فقد تحسنت أسعارها بشكلٍ كبير منذ إنشاء الهيئة، حيث انخفض معدل سعر المكالمات الدولية من 5.72 ريالاً للدقيقة عام 1422هـ إلى الثلث تقريباً أي حوالي 2 ريال للدقيقة (-65%).
- أما المكالمات الداخلية بين مدن المملكة فقد انخفض معدل سعر الدقيقة إلى الربع من معدل 0.80 ريال للدقيقة عام 1422هـ إلى 0.20 ريال أو أقل للدقيقة (- 75%).
ويجب التنويه بأن المملكة تمتاز عن كثير من الدول بما فيها دول الخليج العربي الشقيقة، بأن تكلفة المكالمة تحسب بالثانية وليس بالدقيقة، وهذا يؤدي إلى توفير يصل لـ 30% أو أكثر.
وبطبيعة الحال فإن هذه التطورات التي شهدها سوق الاتصالات من حيث جودة الخدمة، وتعدد العروض والخيارات للمستهلكين، وتحسن خدمات المشتركين، وانخفاض مستوى الأسعار ناتج عن تنظيم وتحرير القطاع وفتح سوقه للمنافسة.
* هل هناك مخالفات صريحة وقعت بها أي من الشركتين تجاه نظام الاتصالات المعمول به حالياً؟
- بالمتابعة المستمرة واللصيقة مع الشركات المرخص لها، تقوم الهيئة بإبلاغ أي شركة عن أي ملاحظة تراها الهيئة لضمان التزام الجميع بأنظمتها وشروط التراخيص الصادرة لهم، وعند وقوع أية مخالفة يتم دراستها وإحالتها للجنة الفصل في المخالفات، التي تقوم بدورها بدراسة المخالفة واتخاذ القرار المناسب بشأنها، ولا أرى مناسبة تحديد شركة بعينها في هذا المقام..
* ربما يكون هناك تدخلات وضغوط داخلية وخارجية من أصحاب المصالح والحكومات الأجنبية فيما يتعلق باستخدام تراخيص جديدة، كيف تتعاملون مع هذا التحدي؟
- إن وضوح أنظمة الهيئة وتأكيد ولاة الأمر على ضرورة التقيد بتلك الأنظمة التي تنص على تحقيق مبادئ الوضوح والشفافية وعدم التمييز ساعد في التغلب على أي تحديات واجهتها الهيئة، وبحمد الله فإن الهيئة ومنذ إنشائها حرصت على التعامل مع الجميع بتجرد ووضوح وعدم تمييز، وهذا الأسلوب أكسبها الأحترام داخل المملكة وخارجها، ودعم ولاة الأمر لها أبعد عنها أي ضغوط خارجية أو داخلية، وخير دليل على ذلك تجربة الهيئة عند إصدار رخصة الهاتف المتنقل الثانية في العام 2004م.
* متى تعززون الرخصتين الحاليتين للهاتف المتنقل برخصة ثالثة؟
- قريباً بإذن الله، فقد أصدرت الهيئة وثائق إصدار رخصة ثالثة لتقديم خدمات الاتصالات المتنقلة، وأخرى لإصدار أكثر من ترخيص لتقديم خدمات الاتصالات الثابتة، وجميع تلك الوثائق منشورة على موقع الهيئة الإلكتروني على شبكة الإنترنت www.citc.gov.sa، والموعد النهائي لاستقبال طلبات الحصول على ترخيص تقديم خدمات الاتصالات المتنقلة يوم السبت 6 صفر 1428هـ (24-2-2007م)، والموعد النهائي لاستقبال طلبات الحصول على ترخيص تقديم خدمات الاتصالات الثابتة يوم السبت 20 صفر 1428هـ (10-3-2007م).
* هل حققت عملية الخصخصة في قطاع الاتصالات النتائج المرجوة منها حتى الآن؟
- في هذا المقام، أعتقد أن لغة الأرقام أبلغ من لغة الكلمات. وسأكتفي هنا بذكر بعض المؤشرات:
* في مجال الاتصالات المتنقلة: ارتفع عدد المشتركين من 2.5 مليون مشترك عند إنشاء الهيئة عام 1422هـ (2001م) إلى ما يزيد على 18 مليون مشترك في نهاية العام المنصرم 1426/1427هـ (2006م) وبنسبة انتشار أكثر من 75% من عدد السكان، بينما تجاوزت تغطية شبكات الاتصالات المتنقلة أكثر من 95% من السكان.
* وفي الاتصالات الثابتة: يبلغ عدد المشتركين حالياً حوالي 4 ملايين مشترك حيث وصلت نسبة الانتشار إلى حوالي 17% من السكان وأكثر من 70% من المساكن.
* خدمة الإنترنت: يقدر عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة حالياً بأكثر من 4.7 مليون مستخدم, وبنسبة انتشار تصل إلى 20% من عدد السكان.
- أما في المستقبل القريب:
* فستقوم الهيئة بفتح خدمات الاتصالات الثابتة للمنافسة لأول مرة، وإصدار تراخيص جديدة في مجال تقديم خدماتها كما أشرنا سابقاً. وتلك التراخيص سوف تؤدي إلى زيادة نشر الخدمة وتوفير خيارات متعددة للمستهلكين من أفرادٍ وشركات وتقديم خدمات جديدة خصوصاً في مجال اتصالات النطاق العريض (Broadband) والإنترنت.
* تعزيز المنافسة الحالية في مجال الاتصالات المتنقلة، بإصدار ترخيص ثالث لتقديم خدمات الاتصالات المتنقلة.
* ساهمتم في مفاوضات انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، الى أي مدى تتوافق خطتكم الوطنية لتحرير القطاع مع لوائح وآليات وقوانين المنظمة العالمية؟
- وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة أعضاء في فريق المملكة المفاوض مع أعضاء منظمة التجارة العالمية، وتولت المفاوضات المتعلقة بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وبالتالي كانت الوزارة والهيئة على اطلاع تام بلوائح وآليات وقوانين ومتطلبات المنظمة، وانضمام المملكة لن يؤثر على خطط وبرامج الهيئة نحو تحرير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وفتح سوقه للمنافسة.
* أطلقتم في العام 2005 مبادرة الحاسب الآلي بهدف الوصول إلى تمكين مليون أسرة سعودية من الحصول على حاسب منزلي، كيف تسير هذه المبادرة، وما الذي تم إنجازه حتى الآن؟
- نحن ندرك أن ما تم بيعه فعلياً من أجهزة الحاسب ضمن المبادرة خلال الفترة الماضية هو أقل من المتوقع. لكن النتائج غير المباشرة لفعالية المبادرة تفوق ذلك بكثير، فعلى سبيل المثال ذكر تقرير دولي محايد وهو تقرير من البزنس مونيتور إنترناشيونال أن مبيعات الحاسب الآلي في السوق السعودية عام 2005 بلغت 881 مليون دولار، وارتفعت المبيعات عام 2006 إلى 1.5 مليار دولار، أي أن إجمالي المبيعات في 2006م بلغ الضعف تقريباً مما كان عليه في عام 2005م، وقد أشار التقرير أن ذلك يعزى إلى مبادرة الحاسب الآلي التي أطلقتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.
ويجب التذكير هنا أنه حينما طورت الهيئة مبادرة الحاسب الآلي قبل أن يتسلمها القطاع الخاص، كانت مواصفات الحاسب الآلي الموجودة في السوق حينئذ متوسطة، والأسعار مرتفعة نسبياً، والبيع لا يتم بالتقسيط، لكن وبعد إطلاق المبادرة، فقد لاحظنا انخفاضاً في الأسعار، وأتيح البيع بالتقسيط، وتحسنت مواصفات الأجهزة، وهذه الأسباب في مجملها أدت إلى تحقيق الأرقام التي أوردها التقرير بتضاعف مبيعات الحاسب الالي. ونتوقع أن ترتفع المبيعات إلى أرقام أفضل نتيجة لحل بعض الإشكالات التي تعرضت لها المبادرة عند إطلاقها.
* ماهي إستراتيجيتكم للعام 2007م؟
ستواصل الهيئة جهودها لاستكمال الأعمال والمسئوليات التي تضطلع بها لاستكمال تحرير السوق، وكذلك الوفاء بالتزامات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. وقد وضعت الهيئة خطة إستراتيجية للمرحلة القادمة تتضمن الرؤية المستقبلية والبرامج والمشروعات المختلفة. ومن أبرز برامج ومشاريع الهيئة لعام 2007م ما يلي:
* فتح سوق الاتصالات الثابتة للمنافسة لأول مرة والترخيص لعدة شركات لتقديم خدمات الاتصالات الثابتة وتقديم خدمات الإنترنت السريعة.
* الترخيص لشركة ثالثة لتقديم خدمات الاتصالات المتنقلة.
* الاستمرار في مراجعة أنظمة الهيئة لتتوافق مع التزامات المملكة لمنظمة التجارة العالمية.
* إعداد المعايير وإرشادات التنفيذ المتعلقة بسياسة الخدمة الشاملة وحق الاستخدام.
* الاستمرار في تنظيم أسعار خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات.
* الاستمرار في إعداد دراسات متخصصة للقطاع.
* استكمال إعداد أساليب اعتماد أجهزة الاتصالات وتقنية المعلومات والنظام الإليكتروني لإجراءات اعتماد الأجهزة.
* متابعة تنفيذ سياسة الفصل المحاسبي من قبل شركة الاتصالات السعودية.
* إقرار الخطة الوطنية للطيف الترددي وإعداد المواصفات الخاصة بنظام إدارة الطيف الترددي.
* استكمال مشروع إنشاء المركز الوطني الاسترشادي لحماية وسرية المعلومات.
* متابعة تنفيذ المبادرة الوطنية للحاسب المنزلي واستكمال مشروع المدن الذكية.