في مايو 2003 وخلال الانتخابات التشريعية في بلدة شاربيك البلجيكية اعطت آلة تصويت الكترونية زيادة بمقدار اربعة آلاف وستة وتسعين صوتا عن عملية الفرز اليدوية. ورأى المحققون أن هذا الخطأ مصدره الاشعة الكونية، استنادا الى حاصل الرقم. وهذه الظاهرة معروفة منذ زمن طويل لدى المتخصصين في علوم الطيران والفضاء لكن مع السباق على تصغير المكونات بفضل النانو تكنولوجيا، فإن أي جهاز الكتروني يمكن ان يكون ضحية لهذه الأشعة. اويلاحظ انه عندما تصطدم الجزيئات الفضائية بالطبقات العليا للغلاف الجوي تنشطر الى عدة اجزاء تصطدم بدورها بذرات اخرى في الهواء، لكن لا يصل من سيل الجزئيات الفضائية هذا الى الأرض سوى جزء ضئيل جدا. وعلى مستوى البحار يتعرض كل سنتيمتر مربع لهجوم عشرة نيوترونات (مكون محايد في الذرة) تقريبا في الساعة، ولكن العدد يرتفع الى 10 آلاف نيوترون على ارتفاع مسار الطائرات التجارية في الجو.
لنأخذ على سبيل المثال جهاز كمبيوتر محمول يعمل جيدا لكن اذا استخدم خلال رحلة عبر الاطلسي فهناك احتمال كبير في ان يتوقف عن العمل ويضطر مستخدمه الى اعادة تشغيله.
ويمكن ايضا ان يكون للشمس تأثيرها، ففي الاحوال العادية لا تكون جزيئات الرياح الشمسية بالقوة الكافية للوصول الى الارض لكن اثناء الثورة الشمسية في اكتوبر 2003 امكن رصد زيادة بنحو 55 ضعفا في عدد اعطال ذاكرة اجهزة الكمبيوتر.
ويولد النيوترون عند اصطدامه بمكون الكتروني شحنة تشويش كهربائية.
في السابق لم يكن لذلك اهمية تذكر لكن اليوم الشحنة الناجمة عن مثل هذه الظاهرة تصل الى نفس مستوى الشحنة التي تتيح تخزين المعلومة في الذاكرة. كما أنه مع النقص المطرد لما يستهلكه تخزين المعلومات من طاقة تصبح الدوائر الناقلة اكثر عرضة للخطر مع كل جيل. وعند الانتقال اللا ارادي من (صفر) الى (واحد)، وهما الحالتان الوحيدتان اللتان تعمل بموجبهما البرامج الالكترونية والاجهزة المعلوماتية، يمكن ان تكون العواقب (كارثية) اذا اصاب الخطأ مثلا وظيفة حيوية في جهاز تنظيم ضربات القلب (بيسميكر) او قاطرة قطار سريع او جهاز المكابح الالكترونية.
وللتصدي لهذا التهديد عمدت شركات الصناعات الجوية الى زيادة صلابة اجهزتها الالكترونية بزيادة الدوائر المتكررة، وهو حل مكلف يمكن اللجوء اليه بالنسبة للطائرات او الأقمار الصناعية لكن ليس بالنسبة لملايين الهواتف المحمولة على سبيل المثال.
ولقياس الظاهرة اطلق اوتران وفريقه عام 2006 برنامج اختبار لا مثيل له في العالم لانه حتى وان كانت كل المؤسسات الصناعية تعمل على هذه المشكلة فإنها تفضل القيام بذلك بتكتم، وعلى هضبة بور في منطقة الالب الفرنسية التي يبلغ ارتفاعها 2550 مترا اقيمت منصة اختبار في تليسكوب لاسلكي سابق بهدف تحديد عدد الحالات التي يفترض ان تكون (صفر) وتحولت الى (واحد) (والعكس) بسبب الاشعة الكونية.
واقيم جهاز مماثل في مختبر بمرسيليا وثالث على عمق 550 مترا تحت الارض في مركز قيادة سابق للقوات الاستراتيجية الفرنسية في هضبة البيون. ولا ينبغي ان يسجل هذا الموقع الأخير اي خطأ الا اذا كان ناجما عن تفتت المكونات الاشعاعية لفضلات (الرقائق) الالكترونية.