إذا لم تكن شخصاً منظماً ومرتبا في تصرفاتك، فربما يكون لديك بعض الأسلاك الكهربائية المتربة والمتشابكة في جميع انحاء بيتك، وربما تكون قد اضطررت لتتبع سلك معيّن واحد معقد على ما يبدو حتى مأخذ الكهرباء، بأمل أنّ يكون المقبس الذي تقوم بسحبه هو الصحيح. يعتبر ذلك إحدى مشكلات الكهرباء. وعلى الرغم من تسهيلها لحياة الناس، لكنها تستطيع إضافة الكثير من الفوضى في هذه العملية.
لهذه الأسباب، حاول العلماء تطوير طرق نقل الطاقة اللاسلكية التي يمكن أن تتخلص من الفوضى أو تؤدي إلى مصادر نظيفة للكهرباء، وبينما تبدو الفكرة مستقبلية، إلا أنها ليست جديدة، فقد اقترح نيقولا تيسلا نظريات لنقل الطاقة اللا سلكية منذ أواخر القرن الثامن عشر. وتتضمّن أحد عروضه الأكثر ذهولاً (في ذلك الوقت) إمكانية التشغّيل عن بعد للمصابيح في الأرض بمحطة تجارب في كولورادو سبرينجس.
منذ ذلك الحين، طوّر الباحثون العديد من أساليب نقل الكهرباء لمسافات الطويلة دون أسلاك، وهناك عدد من هذه الأساليب أصبح قيد الاستعمال بالفعل. فإذا كانت لديك فرشاة أسنان كهربائية، على سبيل المثال، فمن المحتمل انك تعتمد طريقة واحدة لاستخدامها كلّ يوم.
الاقتران الحثّي
إن تعرّض فرشاة الأسنان الكهربائية مثلا اليومي للماء يجعل من الشاحن الذي يتم توصيله بالكهرباء أمرا خطيرا، كما أن الوصلات الكهربائية العادية يمكن أيضا أن تسمح للماء بالتسرّب في فرشاة الأسنان والإضرار بمكوناتها، وبسبب ذلك، يتم إعادة شحن أكثر فرش الأسنان عن طريق ما يسمى بالاقتران الحثّي. يستخدم الاقتران الحثّي حقولا مغناطيسية تكون جزءا طبيعيا من حركة التيار من خلال السلك. وفي أي وقت يتحرك فيه التيار الكهربائي خلال السلك، يخلق حقلا مغناطيسيا دائريا حول السلك. ويعمل ثني السلك إلى ملف على تضخيم المجال المغناطيسي، وكلما كانت الحلقات التي يؤدي إليها الملف أكثر، كان المجال المغناطيسي اكبر. وإذا وضعت لفة أسلاك ثانية في الحقل المغناطيسي الذي قمت بإنشائه، يستطيع هذا المجال حث التيار في السلك. وهذه هي طريقة إعادة شحن فرشاة الأسنان الكهربائية.
وتستطيع إستعمال نفس المبدأ لإعادة شحن العديد من الأدوات في الحال. فعلى سبيل المثال، تقوم رقعة إعادة الشحن باستخدام الملفات الكهربائية لخلق المجال المغناطيسي. وتستخدم الأجهزة الالكترونية مستقبلات موازية داخلية او يتم توصيلها لإعادة الشحن أثناء وجودها على رقعة إعادة الشحن. وتحتوي هذه المستقبلات على ملفات متوافقة ومجموعة الدوائر الضرورية لنقل الكهرباء إلى بطاريات الأجهزة.
وتستخدم النظرية الأحدث إعدادا مشابها لنقل الكهرباء على المسافات الأطول.
نقل الطاقة غير المشعّ
وكما هي الحال مع فرشاة الأسنان الكهربائية، يعتمد هذا النظام على ملفين، الكهرباء التي تمر عبر الموجة الكهرومغناطيسية، تستطيع حفر نفق من ملف واحد إلى الآخر طالما أن كلاهما لديه نفس التردد الرنّان. إنّ التأثير مشابه لكيفية قيام بوق متذبذب واحد في التسبب في قيام بوق آخر بالتذبذب.
وطالما ان الملفين خارج مدى بعضهما البعض، لا شيء سيحدث، وذلك لأن الحقول المغناطيسية حول الملفين ليست قوية بما فيه الكفاية للتأثير بقدر كبير حولهم. وبنفس الطريقة، إذا قام الملفان بالرنين في ترددات مختلفة، لن يحدث شيء. ولكن إذا كان رنين الملفين بنفس التردد وضمن بضعة أمتار من بعضهما البعض، تتحرّك تيارات الطاقة من ملف الإرسال إلى ملف الاستقبال. وطبقا للنظرية، يستطيع ملف واحد أن يرسل الكهرباء إلى عدّة ملفات مستقبلة، طالما انها جميعا ترنّ في نفس التردد. وقد أطلق الباحثون على ذلك نقل الطاقة غير المشعّ وذلك لأنه يتضمّن حقولا ثابتة حول الملفات بدلا من الحقول التي انتشرت في كلّ الاتجاهات.