قد يكون من المفيد إدراج تطوُّر الحاسوب ضمن إطار تاريخي أوسع. لذا يقسِّم العديد من محللي الحاسوب تاريخه إلى ثلاثة أطوار متميّزة أو أكثر، إذ سيطر على الطور الأول الحاسوب الرئيس المركزي Main Frame، الذي تميّز بضخامته والذي طوِّر أولاً من قبل شركات I.B.M آي. ب. م وبيروز Burroughs وهونيويل وآخرين.

أمّا الطور الثاني للحوسبة، فقد بدأ في أوائل سبعينات القرن الماضي، عندما أدرك المهندسون في مركز بالو آلتو التابع لشركة زيروكس، أنّ قدرة الحاسب تزداد بسرعة هائلة في الوقت الذي يتناقص فيه حجم الشرائح الدقيقة بشكل كبير.

لقد أدرك المهندسون في المركز أنّ أحد الاختناقات في الحوسبة يعود إلى الأوامر المعقدة وكتيبات التشغيل السمجة، التي غالبا ما تكون بحجم دليل هواتف مانهاتن - كما يقول ميتشيو كاكو في كتابه (رؤى مستقبلية)، ولم تكن أجهزة الحاسب صديقة للمستخدم، بل كانت عدّوه. وتساءلوا لماذا لا ينشئون شاشة حاسب مؤسسة كلياً على الصور والأيقونات؛ بحيث يمكن بسهولة أن نضع المؤشر على هذه الأشكال لفتح البرامج واستخدامها.

وبفضل الله تعالى، أمكن للأطفال بهذه الطريقة تشغيل الحاسوب دون جهد كبير، بعد أن كان ذلك عملية مؤلمة ومعقدة وشاقة، وأصبح استخدام الحاسب رحلة ممتعة ومبهجة ومثيرة من الاكتشاف.

واستعارت شركة آبل بعد ذلك، أفكار مركز بالو آلتو لأجهزتها، وصنّعت في النهاية كمبيوتر ماكنتوش، وأخيراً تبنّت مؤسسة مايكروفوست أفكار المركز مرة أخرى في برامج النوافذ Windows المتوافقة مع I.B.M المنتشرة في الأسواق، في كل أنحاء العالم.

ويُعرف الطور الثالث من أجهزة الحاسب على أنه طور الحوسبة الواسعة الانتشار، ويشير إلى الوقت الذي تكون فيه كل الأجهزة متصلة مع بعضها، بحيث تقفز نسبة الأجهزة إلى الناس إلى الطرف المقابل، لتبلغ مائة حاسوب لكل شخص.

وبحلول عام 2020م فإنّ حقبة انتشار الحاسب على نطاق واسع ستصل إلى أوجها، ولكن؛ حتى هذه الحقبة لن تبقى إلى الأبد.

فمن المحتمل أن تنتهي سيطرة السيليكون بحلول عام 2020م، حيث ستوجد تصاميم وبُنى حاسوبية جديدة تماماً، ويعتقد بعض محللي الحاسب أنَّ هذا سيقود إلى طور رابع وهو إدخال الذكاء الاصطناعي في أنظمة الحاسب .. بل قد تهيمن على عالم الحاسب من عام 2020م إلى عام 2050م شبكة أجهزة غير مرئية، تتمتع بذكاء اصطناعي تعقل وتميِّز الخطاب، وتتصرف على نحو لائق.