أصبح العالم اليوم يعيش ثورة معلوماتية وتقنية هائلة وتطوراً ملحوظاً في التكنولوجيا، وأوجد في ذلك الخضم هواتف نقالة جديدة مزودة بتقنيات لم تكن موجودة من قبل، ومن ذلك خاصية الكاميرا بالهاتف النقال (الجوال)؛ الأمر الذي أدى إلى كثرة الإقبال على شراء كاميرا الجوال في مجتمعنا من قبل الذكور والإناث والصغار والكبار، وعزوف غالبيتهم عن الأنواع القديمة من الهواتف النقالة التي تفتقر إلى وجود مثل تلك التقنيات الحديثة فيها.. إلا أن البعض أساء استخدام (كاميرا الجوال) لقلة الوعي الثقافي وضمور الوازع الديني والجهل بمجالات الانتفاع بتلك التقنية.. وأتساءل: هل الاستخدام السيئ للتكنولوجيا الحديثة خاصة كاميرا الجوال يبرر الإعراض عنها وعدم الاستفادة منها؟.

أعتقد أن التقنية بشكل عام سلاح ذو حدين؛ فقد تستخدم بطريقة صحيحة أو خاطئة، وأن من الظلم توجيه أصابع الاتهام إلى جوال الكاميرا نتيجة وجود بعض السلوكيات المشينة. والمؤسف أن هناك تنافسا سلبيا رهيبا بين أفراد المجتمع وفئات المراهقين خاصة في اقتناء مثل تلك الجوالات، فيتباهى بوجود صور لا أخلاقية في جواله قد يكون هو من قام بالتقاطها أو تكون هي من صورت زميلتها بالجامعة وقامت بنشر صورها، حتى أن قاعات وقصور الأفراح قامت بوضع نساء مفتشات لجوالات المدعوات؛ خوفاً من اقتحام جوال الكاميرا لمقرهن واختراق خصوصياتهن من قبل ضعيفات النفوس.

فأصبح جوال الكاميرا في مجتمعنا أشبه ما يكون بفوبيا مرعبة للغاية.. ومع كل ذلك فلا يصح أن نقف في وجه سيل التطور التكنولوجي العارم لوجود مثل تلك التصرفات غير المطلوبة. وما أشبه الليلة بالبارحة، فعندما دخل الإنترنت سلط الجميع الضوء عليه ونظروا إلى سلبياته وتجاهلوا إيجابياته، ومع مرور الوقت اعتاد الناس عليه، وها نحن اليوم نعيد نفس السيناريو، فمن يرفض وجود كاميرا الجوال اليوم سيرضخ لضرورة ذلك غداً. ومشكلتنا مع كاميرا الجوال تكمن في أننا لم نستوعب بعد فن التعامل معها وبقية التقنيات الحديثة، فنعمد إلى شراء الهواتف المحمولة الجديدة دون الاهتمام بالجدوى الاقتصادية المهدرة جراء اقتناء تلك الأجهزة، في حين أن استفادتنا للميزات الملحقة تكون ضئيلة جداً. فوجود الرقابة الذاتية لدى مستخدم الجوال أمر مهم، كما أن للمؤسسات التعليمية والإعلامية دورا كبيرا في بث الوعي لدى الجميع خاصة النشء في كيفية احترام تلك التقنيات ومن ثم استخدامها الاستخدام الأمثل.