شهد المؤتمر الوطني للتعاملات الالكترونية 1427هـ الذي اختتم في نهاية الأسبوع المنصرم تفاعلاً من المتخصصين والجمهور بشكل كبير، قدم على مدى أيامه الأربعة جرعات مكثفة من المحاضرات والندوات، ودعم ذلك بعقد ورش عمل، ساعدت في تقديم شرح عن معنى ومفهوم التعاملات الالكترونية، وباعتقادي، أن من انتظم في حضور هذه الفعاليات، قد حصل على (كورس) مكثف سيساعده في التعرف على التوجهات الحديثة لتفعيل التقنية لخدمة المجتمع.

* * *

وبالرغم أن هذه الخطوة جاءت متأخرة بعض الشيء، وسبقنا العديد من الدول للتحول نحو مجتمع المعلوماتية، إلا أن هذا التأخير قد مكّن القائمين على البرنامج من الاستفادة من تجارب الآخرين، وربما ساعد في اختصار الوقت والتقليل من الأخطاء، كما أتاح توظيف أحدث ما توصلت إليه التقنيات لخدمة تنفيذ المشروع، وهذا يتضح من خلال زيارة موقع برنامج التعاملات الالكترونية الحكومية على الإنترنت (يسّر)، الذي يحتوي على كم هائل من المعلومات، وأحدث التجارب والنماذج العالمية التي استقى المشروع منها خططه، وقد يكون من حسن الطالع أن إدارة البرنامج أسندت إلى كوكبة من الكوادر الوطنية المتخصصة على رأسها مستشار وزير الاتصالات وتقنية المعلومات ومدير عام برنامج التعاملات الالكترونية الحكومية المهندس علي آل صمع، الذي يعد أحد الكفاءات المتميزة التي تتمتع بحس وطني عال وتحمل للمسئولية، وأقول ذلك لما لمسته منه خلال عملنا سويا لمدة تجاوزت ست سنوات كان خلالها أنموذجا للمواطن المخلص لوطنه المتفاني في عمله.

* * *

ومادام البرنامج قد حظي بالدعم المادي والمعنوي من القيادة الرشيدة، وتفاعلت معه الأجهزة الحكومية، في توجه منها لتطبيق النظام الآلي لخدمة المجتمع، فقد أصبحنا بحاجة لقياس مستوى ما أنجزه كل جهاز حكومي في هذا المجال، وهذا يتطلب وضع مؤشر يكون بمثابة (الثرموميتر) العام لقياس أداء الأجهزة الحكومية بشكل مستمر ومقارنته بالمستهدف، ولابد أن يتزامن مع ذلك - أيضا - وضع مؤشر آخر لقياس مدى أداء برنامج (يسّر) والجهات ذات العلاقة، وذلك لإنجاز بنية تحتية يمكن الاعتماد عليها في دعم وتشغيل الخدمات والتطبيقات الالكترونية، بما في ذلك تسهيل الارتباط بين الجهات المختلفة، بما يمكنها من تبادل البيانات في ظل نظام أمني عالي الموثوقية.

* * *

ولكي تكون نتائج المؤشرين (الحكومة الالكترونية) وبرنامج (يسّر) فاعلة فلابد أن يعملا في ظل واقعية، بعيدا عن الأحلام (الوردية) التي ما تلبث أن تتلاشى مع مرور الأيام، ولذا أقترح أن يتم الاستفادة من تجارب وخبرات القطاع الخاص وكوادره، وذلك تمشياً مع ما يتم عالمياً من توجه حكومي نحو الخصخصة، وذلك من خلال تشكيل لجنة مستقلة للقيام بوضع ضوابط ومعايير لهذين المؤشرين وإدارتهما، ويكون نصف أعضائها من الشركات الكبرى (مثل أرامكو، سابك، البنوك)، والنصف الآخر يكون من هيئة الاتصالات، وبرنامج (يسّر)، بالإضافة إلى بعض الأجهزة الحكومية، على أن تتمتع هذه اللجنة باستقلالية تامة، تضمن لها ممارسة أعمالها بشفافية عالية، وتنشر نتائج قياس المؤشرين بشكل دوري في وسائل الإعلام المختلفة، وذلك كل ثلاثة أو ستة أشهر كحد أقصى، توضح فيه مدى استجابة كل قطاع حكومي نحو السعي للتحول لحكومة الكترونية، ومدى قدرة برنامة يسّر على الوفاء بإلتزاماته، لكي يتاح للمسئول وكافة أفراد المجتمع معرفة أين وصلنا في توظيف التقنية لخدمة الوطن!