تؤسس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية لشكل جديد من العلاقة برجال الأعمال وداعمي الأنشطة الثقافية في الدولة، ولعل الرعاية التي حظي بها (بينالي الخرافي الدولي للفن العربي المعاصر) من السيد جاسم محمد الخرافي وهو رئيس مجلس الأمة الكويتي يعني دعما ومؤازرة كبيرين من أحد رجالات الكويت الذين يقدمون إسهاما كبيرا لقطاع الفن والثقافة عموما من خلال رعاية مثل هذا البينالي أو إنشاء قاعة عرض حملت اسم والده محمد الخرافي الذي تسمى المعرض وجائزته باسمه.
يتخذ البينالي صفة عربية من خلال الأسماء المدعوة للمشاركة فيه وقد عملت الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية على دعوة فنان من كل دولة عربية سواء من المقيمين فيها أو في خارجها وبالمثل لجنة التحكيم التي اختيرت من أسماء يمثلون دولا عربية (السعودية.مصر.لبنان.العراق) يعتبر هذا الحدث تواصلا مع اهتمامات سابقة بدأت من خلال معرض الكويت للفنانين التشكيليين العرب الذي كان بمثابة ملتقى للتشكيليين العرب كل عامين وتمنح فيه جائزة الشراع الذهبي وبدأت أولى دوراته عام 1969 وانتهت في إطارها الذي كان متبعا في العام 1989.
وكنت حضرت دورات هذا المعرض منذ 1981 حتى توقف قبيل بداية الغزو على الكويت وعاد بعد التحرير بعدة أشكال، كان القائمون عليه يبحثون عن صيغة انسب إلا ان الظروف الحالية بدت أكثر ملاءمة لتواصله على النحو الذي يساعد على جمع ما يمكن من الفنانين العرب ، ففي هذا العام كان من بين الحضور هاني مظهر قدم من اليابان وإياد دانون من فرنسا وعبد الرازق عكاشة من فرنسا أحمد جاريد من المغرب وسامي بن عامر من تونس وغيرهم.
بالتالي يمكن ان يعمل هذا البينالي ويسهم بشكل أو بآخر على ان يعيد حيوية كانت متوارية في مجال الفن التشكيلي منذ نهاية معرض التشكيليين العرب فقد كانت(الكويت) ملتقى كل عامين لهم كانت تقام المحاضرات والندوات وهاهي في الواقع تعود بقليل من ذلك الزخم الذي شهدته.
المناسبة عبرت عن جهد مبذول من أجل تنشيط الساحة ورسم أو تجديد علاقتها بالساحة التشكيلية العربية وبفنانيها على الأرض الكويتية وعليه كان البينالي وكانت أنشطته المصاحبة.
منح البينالي الفائزين جوائز مالية وأقيمت على هامشه لقاءات منبرية ومعرض للفن التشكيلي الكويتي قدم نماذج متنوعة من أعمال معظمها لأسماء شابة ، ومعها أدخلت أعمال ربما رآها القائمون على التنسيق أكثر ملاءمة للعرض مع المدعوين من خارج الكويت، ومع ذلك سجل هذا المعرض غيابا ملحوظا لعدد من الأسماء التشكيلية الكويتية المعروفة.
كانت اللقاءات المنبرية فرصة للتعرف على بعض التجارب الفنية عن قرب عندما عرض عبد الله بوشهري أحد أعماله السينمائية القصيرة.. وتحدثت الأمريكية لندا توبي عن تجربتها التشكيلية والمؤثرات عليها وكذا الفنان الكويتي علي العوض عن تجربته مع الخزف، وحديث التونسي سامي بن عامر والكويتي سعود الفرج وغيرهم.
اللقاءات كانت فرصة للحوار والنقاش إلا أننا افتقدنا شيئا من ذلك لأهمية أن تستغل مثل هذه المناسبات لحوارات أكثر فائدة من خلال استضافة فنانين أو نقاد معاصرين يتناولون قضايا فنية وثقافية راهنة تمس الوضع والفن التشكيلي في البلدان العربية أو الفن العربي عموما، وهو جانب اعتقد بأهمية ان تأخذ به الجمعية في مناسباتها التشكيلية القادمة في مثل هذه الظروف المشجعة.
اتخذت المناسبات العربية الأخرى صفة دولية تخلت فيها عن الجانب العربي واعتقد أنها ترى ذلك تطويرا لمناسباتها لصفة دولية رسمها القائمون على بينالي الخرافي ليتخذ الصيغة الاسمية ولا شك أن مثل هذه المناسبة فرصة كبيرة لتفعيل اكبر أرى أن الكويت من أكثر الدول العربية القادرة على تبني وتطوير مثل هذا المشروع التشكيلي، فالجمعية استطاعت ان تقيم أكثر من مناسبة في وقت واحد تزامن فيه ملتقى النحت بالبينالي ومنحت الجميع فرصة التعرف على الآخر وعلى تجاربه وهي جهود كبيرة استطاع القائمون على الجمعية تحقيقها.