الإهداء للأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة زائراً حلب ومحاضراً فيها
صَوتُكِ اليوم أحلى
فهل تُسْمعيني هديلَكِ
قبل السَّحَرْ؟
صَوْتُك الآن أشجى
ودمْعُكِ ما عادَ يَشْفيني
ما عَهِدْتُكِ إلا صهيلَ جوادٍ
يُغَنِّي حتى الشَّفَقْ...
ثمَّ أرقْصُ، نرقصُ في نشوةٍ
نَفْتَحُ الأبوابَ وبابَ الفرجْ..
لا تقلْ: هذا وهمٌ
هذا بَعْضٌ مِنْ شَطَطْ
لا تقولي: ضاعَ الندى
ماتَ بوحُ الجداوِلِ قبل السَّفَرْ
لا تقولوا: قد ضَيَّعَتْهُ الحروبُ
ونارُ الحروفِ العنيدةِ
ما عُدنْا نعرِفُ أين بابُ الظَّفَرْ...
يا نَخْلَةَ عمري كفانا ضجرْ...
كفاكِ انصياعاً، فإنِّي غريبُ الطباعِ
حزينٌ رصيفُ طفولتنا
قلعةُ القلبِ والحبِّ والحربِ
والنَّارِ والسلْمِ
على نهدةٍ...
تُصْدِرُ صوتاً، أنيناً، نواحاً
وما مِنْ أحَدْ...
حبيبةَ دربي! ألستِ الولادَةَ
تحكي لكلِّ الجياعِ
لكلِّ الجُناةِ صمودَ البلدْ...
فمَنْ قصَّ شَعْرَكِ
أجَّرَ طُهْرَكِ للعابثينَ
بدمعِ النقاء؟
فأيُّ الرجالِ يعيدُ الضيا؟
يُشْعِلُ الوجدَ
يَبْعَثُ فينا الذي ماتَ ثمَّ خَمَدْ...
* * *
وقبلَ الركوعِ على قارعاتِ الرصيفِ
وقبلَ اختصارِ الولادةِ جئْتُمْ
ونحنُ بقايا
ونحنُ ننادِمُ نَعْلَ الذينَ أماتوا الأمانَ
وفضّوا بكارَةَ كلِّ مَدَدْ...
* * *
سأمضي إلى نَبْضِ أسواقِها
أستميحُ البيوتَ ووهْجَ القبابِ
ليَغْتَسِلَ القلبُ فجراً،
وفي شدْوِ تلك المآذنِ
أَسْبَحُ، أُشْرِقُ حتّى تعود النّصاعةْ
سأرنو إلى صوتِها، أسكبُ الحبَّ في كلِّ بابٍ
أغازِلُ نَبْضَ الأزقّةْ...
وصوتُ القبابِ يُزيحُ المخاوفَ
يزرَعُ نجوى
يلامِسُ حزْنا
يجفِّفُ ماء قويقٍ وكانَ إلى الأمسِ يجري
ربيعاً وخصباً...
آتيكِ بلا موعدٍ
أطرق البابَ ليلاً
تمدّين جسرَ المودةِ قبلَ العناقِ
وبعدَ انزلاقِ الشفاه نُناجي
نبوحُ إلى أن يقومَ الشَّجَرْ...
آتيكِ لأسكبَ عطري وحبِّي
وإني قبلْتُ الرّدى...
سآتي إلى مولدي والرِّياحُ تصافِحُ عيني
تُصافِحُ نزفي وخطوي
وبعضي يصافحُ لسعَ الغبارِ
ولسعَ الحجارةِ مرميَّةً في الفراغ...
أراكِ تلومينَ إخوَةَ تلك الدروبِ
تلومين مَنْ تاجروا دونَ حسّ بنبضِ الحجارة
* * *
سأحنو على كلِّ بابٍ، وفي كلِّ حيّ
سبَتْهُ التجاره...
ابثُّهُ شوقي وحزني
وأعطيه قبلةْ..
حروفُ القصائِدِ صارتْ موائِدَ شوقٍ
على كلِّ بابٍ تبثُّ لواعِجَها
تشتهي أنْ تعودَ الولاده...
وإنِّي لماضٍ إليك بطهري وحزني وخوفي
فمدِّي يديكِ
فأنتِ اليقينُ.. سِواكِ خسارةْ...
سواكِ خسارةْ...