حسنا فعل الأستاذ حسين بافقيه مدير إدارة الأندية الأدبية سابقا وهو يطلب من الأدباء والمهتمين قراءة ومراجعة «مشروع لائحة الأندية الأدبية»، وإبداء آرائهم فيها قبل تطبيقها، بعد أن نشرها على الشبكة العنكبوتية. ولست هنا في ميدان امتداح الخطوة الرائعة فتلك منقبة من مناقبه ربما لن تذكر مع سمو ونبل موقفه التاريخي من انتخابات نادي أبها الأدبي، واستقالته تضامنا مع الحق الذي رآه ورأى من يحاول كتمه ! فخرج شريفا كما دخل، وذاك فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو حق وقف معه «بافقيه» وشاء الله أن يظهره بحكم قضائي «نهائي واجب النفاذ» وهي استقالة تدل المثقف المسئول الذي نريد ! وعودا على اللائحة الجديدة التي وضعت على الشبكة، فقد جاءت في بعض موادها واضحة جلية، وتدل على جهد مبذول من اللجنة تستحق عليه بدءا الشكر والتقدير، بيد أن هذه اللائحة حينما جاءت للمأزق الذي عانت منه الساحة الأدبية وأرهقها طويلا، والمتمثل في قضية القضايا «الانتخابات» والشكوك التي تحولت إلى قناعات عند كثير من الأدباء، والجزم الذي وصل إليه القضاء ببطلان أحدها، أقول بعد كل هذا جاءت اللائحة ضبابية مجاملة لوكيل الوزارة على نحو مزعج ومربك ( مع الاحترام لأي وكيل سابق أو قادم) ! ولست هنا أعني بالطبع المواد التي جاملت معالي الوزير بدءا من المادة 36 من اللائحة الأساسية للأندية الأدبية، التي تقول :( تعدُّ هذه اللائحةُ نافذة المفعول من تاريخ إقرارها من الوزير وله صلاحيَّة تفسيرها وتعديلها) والمادة 37 التي تقول :( إذا طرأ أمرٌ لم ينص عليه في هذه اللائحة يكون للوزير صلاحية اتخاذ القرار المناسب بشأنه) فيقيني أن معالي الوزير الحالي أو المستقبلي سيكونان إلى جانب الأدباء بحول الله، ولست أعني القداسة التي أعطتها اللائحة للوزارة حين جاءت مادتها 38 معلنة الولاء المطلق لها،وهي تمتدح الوزارة بهذه «القصيدة» أعني المادة التي تقول :( وزارة الثقافة والإعلام هي المرجعيَّة الوحيدة في حالة ظهور أيَّة خلافات بين النادي وأعضائه، أو فيما بين أعضاء النادي، ويشكِّل الوزير اللجان اللازمة لذلك لاتِّخاذ اللازم) فهي مواد تقول بكل وضوح: إن الوزير أو الوزراء القادمين بحكم أن اللائحة ستبقى لفترات طويلة هم من يفسرون ويعدلون اللائحة كما يشاءون، بمعنى أن هذه اللائحة نافذة ملزمة للجميع إلا على أصحاب المعالي فهم فوق هذه اللائحة ! فقراءاتنا تفكيكية تشريحية متعددة، وهيمظنة الاختلاف والتنوع ! أما قراءة معاليهم فستبقى «القراءة المركزية» التي لن تستطيع تفكيكيات «دريدا» وعصبته أن تهدم مركزيتها، أو تصل لمعنى أفضل مما سيصل إليه أصحاب المعالي ! فهم يعدلونها كيف شاءوا متى شاءوا ! ويفسرونها كما يريدون ؛ لأن اللغة حمالة أوجه ومظنة متشابه ! كما أن مايطرأ من جديد فالوزير أو الوزراء القادمون ووزارتهم هم المرجعية فقط ! «في حالة ظهور أية خلافات بين النادي وأعضائه، أو فيما بين أعضاء النادي» كما يقول نص اللائحة، علما أن لدي صعوبة أولا في فهم الجملتين ( النادي وأعضائه ! والجملة التي بعدها ( أو فيما بين أعضاء النادي ) إلا إن كان المقصود جعل مجلس الإدارة جهة موازية أو متكتلة في مواجهة الجمعية وهو أمر أستبعده تماما ! وليست تلك المشكلة فقط ! إنما المشكلة في ما أغفلته اللائحة وهو ما يحصل من خلافات بين وكالة الوزارة للشئون الثقافية وأعضاء الجمعية العمومية، كما حصل في نادي أبها مثلا وهو ما تسبب في استقالة الأستاذ حسين بافقيه ! أو ما حصل بين وكالة الوزارة ومجالس الأندية، كما حصل في نادي تبوك الأدبي مثلا وهو ما تسبب في إقالة الأستاذ عبدالله الكناني ! أو ما حصل في أندية الشرقية وجازان والباحة ومكة المكرمة وغيرها ! ألم يشعر الأعزاء واضعو اللائحة أن مثل هذه المواد تكرس بطريقة أو أخرى قبضة الوزارة وتغيب صوت الأديب ! إلى جانب الحرج الذي تسببه للوزير أيا كان هذا الوزير، وإشغاله وتحميله عبئا يحمل يضطر معه إلى إحالته إلى الجهات الدنيا التي ستؤوله حسب فهمها، وربما حسب رؤيتها الذاتية التي يتداخل فيها الموضوعي مع الشخصي والنفعي ! بل إني أشعر ولست فقيها قانونيا أن المادة 38 السابقة تتناقض مع النظام الأشمل الذي يرى أن «القضاء الإداري» مرجعية لكل الخلافات الإدارية التي يتضرر منها الأفراد، وتكون الوزارات أو الإدارات الحكومية طرفا فيها ! وأقول بكل أسف لقد جاءت اللائحة غير متوافقة مع رؤية معالي الوزير عبدالعزيز خوجة، وتصريحاته المنشورة وغير المنشورة والتي تؤكد دوما بأن الأندية الأدبية، وتسيير أمورها شأن يخص الأدباء فقط، وأن دور الوزارة دور الإشراف فقط ! وكنت سأترك كتابة هذه المقالة لو لم يكن في اللائحة إلا هذه الهنات، بيد أ ني حين قلبت الصفحات القادمة منها : «حوقلت واسترجعت» وأنا أقلب نظري في اللائحة الانتخابية التي جاءت مخيبة للآمال، غاضة الطرف عن مشكلات ما سمي بالانتابات، فالمادة الأولى منها تقول : ) تُشَكَّل لجنةُ للإشراف على انتخابات مجلس الإدارة تسمى (لجنة الإشراف على الانتخابات) برئاسة وكيل الوزارة للشؤون الثقافيَّة وعضويَّة كلٍّ من:
1- مدير عام الإدارة العامة للأندية الأدبيَّة.
2- مندوب من إمارة المنطقة أو المحافظة المشكِّلة نطاقَ النادي يرشَّحه سمو أمير المنطقة.
3-مندوب عن الوسط الأدبيِّ يختاره وزير الثقافة والإعلام.
4-مستشار قانونيٌّ.)
والمتأمل هذه اللائحة يجد أن موادها السابقة -قبل هذه المادة - جاءت مكرسة ومجاملة لأصحاب المعالي الوزراء، وربما نجد لواضعيها بعض العذر ! بيد أن مواد لائحة الانتخاب بدءا من هذه المادة جاءت مكرسة سيطرة وكيل الوزارة للشئون الثقافية، وهو بالتالي تكريس للفشل الذي أصاب الانتخابات السابقة، فلم تستطع الوكالة عبر وكيلها د. ناصر الحجيلان، ومدير عام إدارة الأندية الأدبية السابق الأستاذ عبدالله الكناني، وسعادة الأستاذ محمد عابس المتحدث الرسمي باسم الوكالة وأحد أركان العملية الانتخابية والحاضر بقوة في كل الانتخابات ! أقول مع احترامي الشديد لهم فقد عجزوا عن أن يديروا الانتخابات على نحو يضمن الشفافية والوضوح، وهو ما نتجت عنه أخطاء جسيمة انتهت ببعض الجمعيات إلى أن تأخذ حقها من قاعات المحاكم، وعلى رؤوس الأشهاد ! ثم تأتي المادة رقم 4 من اللائحة الخاصة بالانتخابات غريبة مريبة، حيث تقول :» تشكِّل لجنةُ الإشراف على الانتخابات لجنةً فرعيَّة تحت إشرافها تتولَّى إجراءات عمليَّة التصويت والفرز والعدِّ وإعداد المحاضر اللازمة لنتائج الانتخابات، وتسمى (لجنة الفرز» وهي مادة غريبة مريبة حرت في مقصدها وشككت في غايتها ! فلم تشكل اللجنة الإشرافية لجنة أخرى عند أهم عملية تحتاج الدقة والوضوح والمسئولية، وهي مرحلة «الفرز» ؟ وقد تكون هذه اللجنة سرية، وقد يختار لمكانها غرفة بعيدة عن الناخبين لا يعلم بها أحد ! كتلك اللجنة «الفرزية» التقنية التي أشرفت على ما سمي «بالانتخابات الإلكترونية» غير المأسوف عليها ! أيعقل أن لجنتنا الكريمة التي شكلت اللائحة لم تسمع بمآسي وشكاوى الجمعيات، وتتابع أحكام القضاء حول الانتخابات ! والغريب والعجيب الإصرار على «السري» هذه التي ترددت مرارا في لائحة الانتخابات ! حتى يظن القارئ أننا أمام أسرار عسكرية تقنية هائلة، لا تقل سريتها عن أهمية أسرار «البنتاغون» ! إنني أعتقد أنه لابد للجنة من أن توضح المقصود «بالسري» هذه ! فهل ستكون الانتخابات ورقية ؟ أم تصر الوكالة كعادتها على تحديها للجمعيات كما فعلت سابقا ؛ فتلزم الجميع بأن تكون إلكترونية ؟ مع أن أغلب الجمعيات إن لم تكن كلها طالبت بأن تكون ورقية ! وللحديث شجون في الأسبوع القادم بحول الله .
- أبها