تستخدم منذ نشوء الصحافة مصطلحات كثيرة للتعبير عن مجريات الصراع الاجتماعي العام، وقد ازدادت كمية المصطلحات عبر الزمن وهي مستمرة في الازدياد. منها ما تم تعريبه كالإرهاب والتفرقة العنصرية واليسار واليمين وما إلى ذلك، ومنها ما أخذ كما هو من اللغات الأخرى كالفاشية والشوفينية والراديكالية والبراغماتية وغيرها. فما هي إذن أبعاد المصطلح ووظيفته واستخداماته؟
المصطلح هو مفهوم يتم التعارف عالمياً على معناه وأبعاده واستخداماته كي يكون وسيلة لإضاءة صورة ومحصلة وأبعاد الصراع الاجتماعي العام، وبالتالي يجب أن يكون له تعريف موحد لدى الجميع.
من هذا المنطلق تنبع أهمية المصطلح وأبعاده ووظيفته اللغوية الاستراتيجية التي تتضح في المصطلحات العلمية أكثر من غيرها، حيث لا بد من وجود مفهوم محدد المعالم للمتر أو الغرام أو المستقيم أو المثلث أو الطاقة أو غيرها.
المصطلحات هي لغة العصر ومعرفتها ليست ضرورية وحسب، بل من لا يعرفها يشعر بفقدان ما، وتوجد لها قواميس خاصة واستخدامات متعددة قد تحمل عدة أوجه.
بالرغم من أن الأمر يبدو واضحاً وبسيطاً، حيث يتفق الجميع على تعريف يحدد معالم المصطلح وينتهي الأمر، وبما أن المصطلح نتيجة لصراع اجتماعي فهو تطور كي يكون أداة من أدوات هذا الصراع. من هنا تأتي أهمية أن يكون له وظيفة، فليست كل المصطلحات متفق من الجميع على معناها ومعالمها، والسبب أن القوى الاجتماعية المتصارعة والمختلفة تستخدم بعض المصطلحات بمعان وأبعاد متباينة كي تكون سلاحاً لها كما هو الحال بالنسبة إلى مصطلح الإرهاب، فبعض القوى الاجتماعية تعتبر أن حمل السلاح غير المرخص من النظام الرسمي لأي دولة هو إرهاب. بينما قوى أخرى تعتبر حمل السلاح غير المرخص للدفاع عن النفس أو مقاومة العدو ليس إرهاباً، بل إن بعض الدول تعتبر إرهابية بسبب احتلالها لأراض من دول أخرى ، أو اعتداءاتها المتكررة على شعوب أخرى .
إن بعض الدول رفضت حضور مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب، لأن التعريف يلزمها بموقف محدد في الصراع العام لا تريد أن تلتزم به.
من هنا تبدو سطوة المصطلح! لماذا أسميها سطوة؟
لأن المصطلح يلزمك بمفهوم لا تحدده أنت، إنما الجميع، بغضّ النظر من هم الجميع، المهم أنه مفهوم جماعي، وبالتالي يتطلّب موقفاً جماعياً.
بيْد أن المصطلح هو أولاً مفهوم ... وبالتالي يتعلق بالمنظومة الفكرية والمنهجية لأي شخص أو مجموعة أشخاص، أي أن المصطلح يدخل ضمن برمجة الذهن وهنا مصدر فاعليته وخطورته في آن معاً، حيث يصلح كأداة لإيضاح المفهوم وللتشويه أيضا، أي بإمكانه أن يكون أداة لاستجلاء الصورة وتنمية وتغذية الفكر وبإمكانه أن يكون أداة لغسيل المخ كما يقال.
توظيف المصطلح من مختلف القوى الاجتماعية في خضم الصراع العام، يجعل من الضروري للمرء أن يطلع بشكل واسع على المصطلحات ومعانيها وأبعادها، كي يحصن نفسه من الغزو أو العدوان الفكري، ويتمكن من إثراء معارفه أكثر عندما يستخدم مصطلحاً ما في مكانه الصحيح.
- الدمام