الأدب.. ما الأدب؟!
شعر أم نثر.. عبث أم فكرة.. هباء أم نماء.. غزل أم حب؟!
آمنت بالشعر منذ طفولتي وأخلصت له في تخصصي.. سرت مع القافلة الأدبية والذوقية العامة والأكاديمية، وحاولت أن أحذو حذوها بيد أني فشلت!
بدأت بمرحلة الدراسات العليا.. ووهبتها الإخلاص كعادتي لكنه هذه المرة إخلاص مستفهم لا تابع أعمى..
في الدراسات العليا.. يدخل علينا أستاذ يبجل الشعر ثم يأتينا الذي بعده ويبجل السرد! حين تباينت المواقف والنصوص تلجلج الفكر وعاش مرحلة التوهان والغبش ثمت بدأت قذائف الاستفهامات تترى بلا رحمة: ما رأيي أنا ما استكناهي الخاص لفلول الأدب والأدباء.. ما هذا الذي أراه ولا أكاد أبصره؟!
هل الشعر بتلك الأهمية والهالة التي كسي بها؟! هل الوزن والقافية عصا موسى المعجزة؟!
هل ما ورد في الشعر من المديح والغزل يبني فكر فرد بغض النظر عن فكر أمّة؟!
هل الغزل: المغرق في مقاييس الجسد - ومقاييس تكاد تتوحد وظالمة في النهاية لوجوه الجمال الأخرى التي لا يراها الشاعر - أنصف الجمال المادي بغض النظر عن الجمال المعنوي؟!
هل الغزل: شهوة أم حب؟!
هل الغزل: أكرم المرأة أم أهانها؟!
هل الغزل: تقليد وعرف أم مشاعر صادقة تنضح من في المحب رقراقة؟!
أين حظ الفكر من الغزل؟ أين حظ الجسد الجميل مع القلب الجميل من الغزل؟
يتغزلون بأسنان محبوباتهم التي هي كالبرد وكـ... إلخ ولم نسمع في التاريخ عن ثغر جميل إلا ثغر نائلة زوجة عثمان بن عفان!
يتغزلون بمحبوباتهم ويصفون أجسادهن ويكاد يتطابق الوصف بين جميعهم والله خلق الناس ألواناً وأشكالاً وقدر الحب تقديراً وليس بناء على وصف محدد فأي عبثية هذه؟!
يكادون يجمعون على أن المحبوبة من صفاتها الغدر، فهل أصابوا يا ترى أم أنه التقليد وفتنة المحاكاة يتناقلها كابر عن كابر دون أدنى تأمل أو مساءلة!
ماذا كسبت المرأة من الغزل وماذا كسب الرجل؟!
أما الرجل فإغراق في المرأة الخيالية على حساب الواقعية التي أنشأها الله - سبحانه - فهو هائم متحسر متعذب بخياله ونرجسيته!
وأما المرأة فعظم مصابها أكبر من أن أستطيع الحديث عنه!
ماذا ورّث الغزل؟
إنساناً رخواً خيالياً، يؤمن بالخيال أكثر من الواقع.. يرضى أن يتعذب ويلتهب بالحب على الورق والقصيد ولا يجرؤ أن يعيشه واقعاً! لا عجب فأجداده الشعراء علموه ذلك!
أيها الغزل العابث: لست منك.. ولست مني..
خاتمة.. أؤمن مع العقاد حين قال: الأدب في لبابه قيمة إنسانية وليس بقيمة لفظية..
وأؤمن بالأدب إيمان العقاد به بأنه رسالة عقل إلى عقول ووحي خاطر إلى خواطر ونداء قلب إلى قلوب..
- الرياض