ارتبط ظهور صوت المرأة السعودية في الإذاعة السعودية بأول وزير إعلام (جميل بن إبراهيم الحجيلان) الذي يعد من وجهة نظري أبو الإعلام السعودي رغم اختلاف الناس حول أدائه وتلك طبيعة الحياة فما يكون مقبولاً عندك يكون مرفوضاً عند غيرك والعبرة أولاً وأخيراً بالنتائج.
أبصرت الإذاعة السعودية النور في العام 1968هـ - 1949م واعتمدت على أصوات الذكور وهو أمر بديهي في تلك المرحلة فلم يكن تعليم البنات متاحاً ومن ثم فلا مجال لوجود صوت نسائي إذ أن التعليم والثقافة صنوان لا يفترقان في حياة الإذاعي والإذاعية، لكن الصورة تغيرت حينما تسلم وزارة الإعلام جميل الحجيلان الذي رأى أن الوقت حان لأن تسهم المرأة السعودية بجهودها في مضمار التنمية فشرع يبحث عن أصوات نسائية متمكنة قادرة على الاضطلاع بهذه المسؤولية فكان الآتي:
طفق المسؤولون في الإذاعة يبحثون عن صوت نسائي ملائم، اتصلوا ببيوت سعودية كانت بناتهن يدرسن بالخارج أحجموا عن الموافقة ورفضوا بشدة وأقفلوا الأبواب في وجوه المسؤولين وعادوا إلى الوزير الحجيلان بخفي حنين وكان الأمر طبيعياً حينذاك، ففي تلك الأجواء كان مجرد اسم امرأة عيباً كبيراً، فما المخرج؟ طلب الحجيلان من المسؤولين في الإذاعة أن يجربوا صوت أخته سلوى إبراهيم الحجيلان فأجريت لها تجربة صوتية كانت على قدر مناسب من الأداء والثقافة أما اللغة فكانت ضبط كلماتها بالشكل وسيلة ناجحة معها وبدأت في تقديم البرنامج بعد أن اختار الحجيلان اسم سلوى إبراهيم وليس سلوى إبراهيم الحجيلان مجاراة للأوضاع الاجتماعية ولأن كل تطور في هذا المجال ينبغي أن يكون وئيداً، وخطوة خطوة فالانفتاح على مصراعيه لا يخدم المرأة ومن الخير أن تبدأ بداية متواضعة فقدمت السيدة سلوى إبراهيم (أصبحت فيما بعد زوجة الإذاعي الكبير عباس غزاوي رحمه الله قدمت برنامج البيت السعيد لتكون أول سيدة سعودية عهد إليها بتقديم برنامج نسائي للمرأة السعودية بعد أن كان اسمه (ركن المرأة) قدمه الإذاعي المعروف عبد الله راجح أمده الله بالصحة والفعالية.
تلا ذلك تقديم برنامج الأطفال بصوت السيدة أسماء ضياء (ماما ضياء) بعد أن كان يقدمه قبلها بابا عباس (عباس غزاوي) وقبله بابا طاهر (الشاعر الكبير المعروف طاهر زمخشري رحمه الله) والسيدة أسماء هي زوجة الأديب الكبير عزيز ضياء رحمه الله ووالدة الفنان التشكيلي المبدع ضياء عزيز ضياء ووالدة الإذاعية القديرة دلال عزيز ضياء التي تدرجت في العمل الإذاعي وتوجت جهودها بإدارة البرنامج الثاني في إذاعة جدة.
جالت في ذهني هذه الذكريات بعد أن طلبت مني الجزيرة الثقافية أن أقول شيئاً عن الحجيلان من خلال سنوات أمضيتها معه وزيراً ناقداً مبدعاً يناقشك حتى يقنعك وأثناء النقاش لا تملك إلا أن تحترمه وتحترم عقله وتفكيره.
واليوم وأنا أسمع وأشاهد أصوات إذاعية نسائية سعودية بعضها أثبت وجوده في ساحة الإعلام المسموع والمرئي وبعضها الآخر يحتاج إلى متابعة وعناية وتقويم وإعادة تأهيل، لا مناص من أن أقول لا مكان لأصوات إذاعية غير مؤهلة مخارج حروفها غير واضحة وثقافتها محدودة ولغتها ضعيفة وأداؤها منفر.