(المدعوُّ) اسمُ مفعولٍ من (دعَا). وهو لَفظٌ عربيٌّ فَصيحٌ، معنَاه: (المسمَّى). ومنه قولُ الشاعرِ:
أما الإماءُ، فلا يَدعونَني ولدًا
إذا ترامَى بنو الإموانِ بالعارِ
وقالَ الآخَر:
دعاني الغوانِي عمَّهنَّ، وخلتُني
ليَ اسمٌ، فلا أدعَى به وهْو أوَّلُ
ويكونُ العلَمُ بعدَه منصوبًا، لأنَّه مفعولٌ ثانٍ، تقولُ: (هذا المدعوُّ محمدًا).
وقد جرَى استعمالُه في عُرفِ الناس، واصطلاحِهم على النكِرةِ الخامِلِ، كأنَّهم أرادُوا أن يُبالغوا في الدلالةِ على نكَارتِه من طريقِ الانتفاءِ من إثباتِ اسمِه، والبَراءةِ من القَطْعِ بمعرِفتِه، والتعويلِ في ذلك على ما يدعُوه به الناسُ الذينَ يعرِفونَه. ولو كانَ معروفًا مشهورًا، وكانَ من أهلِ النباهةِ، والذِّكر، لم يَحتج المتكلِّم أن يُحيلَ معرِفة اسمِه إلى النَّاس، ولكانَ له من ثقَتِه بثبوتِ هذا الاسمِ له ما يحمِله على أن يكِلَ نسبتَه إلى نفسِه. ولذلك لا يُوصَف بهذه الكلِمة إلا من كانَ نكِرةً مغمورًا، وهو في هذا حقيقة، أو مَن يُرادُ تحقيرُه، وتنكيرُه، وإلحاقُه بالدهْماء، والسُّوقة، ومَن لا يؤبَه له. وهو حين إذٍ مَجازٌ. ويجوزُ حملُه على وجهينِ بَلاغيّين:
الأوَّل: أن يكون كنايةً. وذلك من قِبَل أن كلمةَ (المدعوِّ) قد أضحَت من لوازِم التنكيرِ، والتحقيرِ، فبدلَ أن تقولَ: (الرجل النكِرة الذي لا يُعرَف فلانٌ) تقولُ: (المدعو فلانًا). وهو لازِمٌ عرفيٌّ لذلك.
الثانِي: أن يكون استعارةً مكنيَّةً. وذلك على أن تكونَ أردتَّ تشبيهَه بالنكِرةِ المغمورِ، ولم تصرِّح بهذا المشبَّه به، وإنَّما ذكرتَ شيئًا من خصائصِه، وهو وصفُه ب(المدعوِّ).
بريدة
faysalmansour@gmail.com