كتب إبراهيم التركي
لا رهانَ على ذواكرنا «المزهمرة»؛ فنحن نرى مَنْ أمامنا، ثم ننسى أن رؤيتََنا ليست مقياسَ النظر القادرِ على التمييز بين المجرد والمزيد، ويبدو أننا نقدم دروسًا مجانيةً لكل رموزنا كيلا يتكئوا على مشاعرِ مريديهم زمنَ حضورهم؛ فالغياب مفترقُ الطريق بين الذِّكر والذكرى.
وشيخُنا الذي كان ملءَ الضجيج الثقافي المنتِج «الأستاذ علي العمير» يعيش عزلةً إجباريةً دفعه إليها المرض؛ فلم يعد قادرًا -كما كان- على الكتابة والمشاكسة والأخذ والرد؛ مكتفيًا بالقراءة والتأمل والتعليق الشِّفاهي والتواصل مع محبيه الحميمين الذين لم ولن ينسوا بهجةَ إسهاماته التحريرية والتأليفية والكتابية والوهجِ المنبري الذي كان «أبو فوزي» أحد أعمدة فعله وتفاعله وأحيانًا: انفعاله.
الصورةُ الوضيئةُ عن حالته أنه ما يزالُ متابعًا وموجهًا ومقترِحًا، والأكثر وضاءةً لو سعت إليه أنديتُنا ومراكزنا الثقافية للتفاوض معه حول مُسَوَّدات أعماله كي تتولى نشرَها؛ فعلي العمير قامة ثقافيةٌ فارهةٌ بلغ يومًا منزلةَ رؤساء التحرير، كما ظل نجمًا ثقافيًّا «تحت الشمس» تفرد لزواياه المساحاتُ المميزة، ولا يحلو كما لا يخلو تجمعٌ دون أن يكونَ في قواسمه حديثٌ له أو عنه.
طب أبا فوزي فأنت هنا كما كنت وكما ستبقى.