Culture Magazine Thursday  05/01/2012 G Issue 359
الثالثة
الخميس 11 ,صفر 1433   العدد  359
 
ليتنا من «ملتقياتنا» سالمين!
وضحاء بنت سعيد آل زعير

 

كنت قد كتبت مقالة سابقة قبيل انعقاد الدورة الثانية من ملتقى المثقفين السعوديين، وبلغة يزيّنها التفاؤل وإن رأتها د. لمياء باعشن تشاؤمية. استنكرت في المقالة بعض ما حصل في الدورة السابقة وعقدت الأمل في الدورة الحالية، مترقّبة مع سعي لعدم إصدار أحكام مسبقة.

والآن، وبعد أن انتهت أيامه وغادر (السيّاح) لديارهم التي أتوا منها مستمتعين برحلة سياحية مدفوعة في مدينة الرياض. كنت أظن أن هناك مُشكلاً واحدًا في قيام هذا الملتقى؛ ولكن الأمر يبدو أكبر من تصوري المتواضع، فبعد التعثرات المتكررة في انعقاده، تتتابع التعثرات في التنظيم السيء مرورًا بالحاضرين، إلى حفل الافتتاح الذي افتقد حسن التنظيم وسلاسته وآلية استقبال ضيوفه؛ مما جعل بعض حفلات ختام الأنشطة في مؤسساتنا التعليمية تنافسه وتتقدم عليه!

وقبل الافتتاح، فقد وقعنا في الفخ ذاته من إعلان دورة الملتقى الأول الذي أفاد بوجود ورش عمل لنقاش قضايا ثقافية. ولكن الحقيقة أنها مجرد تسمية تُجانب الواقع؛ فما قُدِّم هو نفس ماذكرتُه سابقًا: (حفلة كلام)! أما الذي أُضيف لها فهو الكمّ الهائل من المجاملات و(الهياط) و (التطبيل)! كما حدث في جلسة دور المرأة الثقافي؛ إذ تحوّل بعضهم بعصا سحرية متنافسين في إثبات حسن نواياهم (الكلامية فقط) في تقدير المرأة؛ حتى حدا بأحدهم أن ينبري في مداخلته متجاوزًا وقته المحدد متغزّلا بزوجته التي يزعم أنها حفّزته للحضور!

هذه الجلسات النظرية البحتة لم تُضف فائدة حقيقية؛ لأنها أعادتنا للمربع الأول من الدورة الأولى أو ربما ما قبلها! بعيدًا عن النقاشات المثمرة، والخطوات الإجرائية العملية التي لو فُعِّلت لنقلتنا إلى مرحلة حقيقية من العمل الثقافي.

و إضافة إلى الكمّ النظري السائد في الأوراق فإن الموضوعات مكررة بنسبة: 8 من 13 موضوعًا! خمسة موضوعات فقط جديدة بعد سبع سنوات!! وللأسف ليست الجلسات فقط؛ وإنما الأسماء المشاركة كذلك تكررت سبعة أسماء من الدورة الماضية و كأن وطننا يفتقر للباحثين والباحثات!

سأُوقف المقارنة هنا ولن أُكملها لتوصيات الدورتين خشية تطابقها، وإلا فالتكرار أمر بدهي ما دامت الموضوعات المكرورة تتجاوز النصف!

ومن فخ الإعلان ذاته الذي يشير إلى أن الملتقى سيجمع المثقفين والمثقفات ليناقشوا (مستقبلهم) الثقافي، يُغيّب من يهمهم المستقبل فلا نجد لهم إلا مشاركات أساسية طفيفة و حضورًا هزيلاً؛ إذ لم يُعلموا فضلا عن أن يُدعوا! و كيف يعلمون و الموعد لانطلاقة هذه الدورة تأرجح كثيرًا حتى استقرّ؟!

كما أوجه رجائي لمعالي الوزير أن يُكرمنا بشيء من التقتير، ويُلغي (وليمة) الغداء في الدورات القادمة؛ فلا نُقلق الكثير من (السيّاح) الذين لم نرهم إلا وهم يتنافسون على أصناف الطعام والشراب! متجشمين عناء الحضور لمقر الملتقى. أقول السياح فقط؛ لأن المثقفات المدعوات أثبتن أنهن أكثر جدية والتزامًا في حضور الجلسات والنقاش. بينما هؤلاء اكتفوا بالنقاش حول كل شيء عدا (الثقافة)!

و بالرغم من تأخر و تعسّر انعقاد الدورة الثانية؛ فمن الجليّ الواضح أن برنامجها لم يُدرس جيدًا و ترتيبها لم يُنجز بشكل يليق. مما يجعلني أتساءل:

- هل هناك تقصير من قبل الهيئة الاستشارية؟ أم أن انشغال أمين عام الملتقى لم يسمح له بالتجهيز الجيد؟ رغم حضوره المكثف أيام الملتقى من تقديمه للجلسات وإدارة أهمها (برستيجًا)، وتغيير وقت الجلسات ومن ثم تمديدها بكرم وفضل منه!

- هل يجامل أمين عام الملتقى الوزارة و يُلزم نفسه بما لا يستطيع تحمّله؟ مما أنتج لنا دورة خداج لا تواكب الثقافة الناهضة في العالم!

-أم أنه يصرّ على تولّي أمانة الملتقى إيمانًا بأنه الأحق بها، فيجامله معالي الوزير في هذا الشأن؟!

أيا كانت الإجابة، فثقافتنا وصناعتها ومشاكلها ومستقبلها لا تحتمل مجاملات إضافية، فقد أُثقل كاهلها حتى أصيبت بالعجز!

قلت مسبقًا: أرجو ألا تبقى ثقافتنا عجوزًا تبحث عما يزيل تجاعيدها، وأقول الآن: إن كان ما انتهى في الأسبوع المنصرم ملتقى يناقش قضايا الثقافة السعودية المعاصرة والمستقبلية فعلى ثقافتنا السلام!

و لعلها تبحث عن حانوتي يقبل أن يهيء لها قبرًا تستكين فيه!

wadha88@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة