الثقافية - عطية الخبراني
في مساء بارد من مساءات العاصمة الرياض، رفعت الأقلام وجفت كل الأوراق الملقاة على طاولات مركز الملك فهد الثقافي الذي احتضن ملتقى المثقفين السعوديين الثاني قبل قرابة سبعة أيام.. ربما شبه البعض النهاية التي تم بها الملتقى بليالي الرياض التي تزداد برودة كلما أوغلت في الليل قليلاً، فبعد ليلة مسرحية سينمائية، قدمت فيها أوراق عمل من أسماء بارزة في المشهد المسرحي السعودي يسدل الستار ببرود لا يشي إلا بتوصيات باردة وفضفاضة. لعل أبرز مشهد مخجل هو ما وصفه أحد المشاركين تلك الليلة حين قال في جلسة خاصة عقب إعلان توصيات المؤتمر: (خجلت من نفسي حين أنهينا الحديث، فأعلنت التوصيات مباشرة، وعند خروجنا من القاعة وجدناها مطبوعة عند بوابة الصالة. قليل من التمثيل كان يكفي لنشعر بلذة اللعبة).
المقهى والجلسات الجانبية
الكثير من الجلسات الجانبية في فندق «ماريوت الرياض» و «كراون بلازا» كانت تحيل الملل إلى جمال, والنقطة الصغيرة إلى صفحات نقاشات تساهم في دفء المساءات وتمنحها بعداً جديداً غير البعد الرسمي والمحتكر للجلسات الأصلية في الملتقى. ربما أصبح من عادة الملتقيات ومعارض الكتاب ما اعتاد عليه الحاضر من إقامة «مقهى ثقافي» أو «إيوان ثقافي» والذي يقيمه مدير عام الإعلام والنشر في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية الأستاذ محمد عابس والذي يستطيع سنة تلو الأخرى أن يستقطب أسماء مهمة لتشارك فيه, فمن قضية هنا لسؤال هناك, ثم إلى قصيدة شعرية يستريح على جمالياتها الحضور وتسكن النفس من صخب النقاشات المحتدة.
تبادل أدوار التهم
بين مثقف يتهم جدول الملتقى بالهزيل ولا يدعو على الفأل ولا حتى إلى أن يستيقظ من سرير غرفته التي لا تفرق عن قاعة المحاضرات سوى أقل من نصف ساعة, وبين مسؤول وزاري يرى أن ثمة مثقف سلبي لم يأت إلا ليكون عالة على الثقافة وأهلها لا يقول شيئاً ولا يضيف شيئاً, يقف السؤال الحائر, من كان على صواب؟ وكيف؟!
تكريم الأموات يحييهم
إن لمسة التكريم التي قدمتها وزارة الثقافة والإعلام لعدد من مثقفي وأدباء وفناني الوطن يجب أن تحترم وتقدر وألا يستمر مسلسل التلويح بفكرة «الموت» والتكريم بعده, فليس أجمل من تلك اللمسة في حفل الافتتاح, وكل المحبين يستمعون إلى سير رجال أحبوهم وقرأوا لهم وربما عايشوهم الكثير من تفاصيل الحياة.