أبا «سهيل»

وقبل «جيل»

أتيت نبتة من رحم الحياة

من قرية صغيرة يدعونها «القرائن»..

ما بين «غسلة» و»الوقف» خطوات

بصرخة تخاطب المجهول يا فقيدنا

بكيتَ كالأطفال.

ضحكتَ كالأطفال.

ركضتَ كالأطفال.

لهثتَ كالأطفال.

لعبتَ كالأطفال.

شقيتَ كالأطفال.

الحلم في عينيك غربة بعيدة المنال

كسائر الأطفال.

كبرتَ يا فقيدنا

وحلمك البعيد في عينيكْ

حائر.. وجائر.

يلفه السؤال!

ككل وافد جديد أقضَّه السؤال

لمَّا يَطل بك هاجس الحياة

تعبتَ. سعيتَ. فشلتَ. نجحتَ

ومرة سألتَ:

وكان الجواب:

«لا بد من سعي وإن طال السفر

وإن جار السهر»

طويتها الأعوام والأيام يا فقيدنا

طويتَها مراحلَ السفر

متاعبَ السهر.

أمام جدول الحياة.

نهلتَ من معينه حتى ارتويتْ

طعمتَ من أصدافه حتى شبعتْ

ونلتَ من هوائه فما أبقيتْ

أعطيتَه ريّاً لنا ماء زلال.

أعطيته شعراً لنا يحكي الجمال

أعطيتها أسطورة ملء الخيال

أعطيتها أمثالَ شعب..

تحكي لنا قيلَ. وقال.

وقصصَ الأطفال.

وكنتَ الطفلُ في بدايته

وأنت الكهل في نهايته

وما فتئت يا فقيدنا وقد رويتَ

وقد حكيتَ.. لقد وفيت.

كنتَ مدى السنين للحياة صوتْ

وللأحياء صوت.

وسبعون عاماً. أو يزيد..

تعطي لنا كل مفيد.

كل جديد.

كنتَ المربي. حينها ربَّيتْ

كنتَ السخي بما لديك. وقد أعطيتْ

كان العطاء صامتاً وما منيت.

يا راحل الوطن الكبير..

أبا سهيل..

أيها النجم الجميل..

لكل نجم في سمائه أفول لا يطول

رحلتَ أنت. لكن!

كنتَ عقلا يا فقيدنا

هل تأفل العقول؟!

هل ترحل العقول؟!

أبداً.. لا تأفل العقول!

لا ترحل العقول.

لأنها وديعة الحياة للأحياء

يا أبا سهيل.

.. وداعاً! لن أقول!!

إلى لقاء يا فقيدنا النبيل

فراقنا مهما أمضَّ

لن يطول..