Culture Magazine Thursday  05/01/2012 G Issue 359
قراءات
الخميس 11 ,صفر 1433   العدد  359
 
كلمات
أي حضارة هذه؟!
بقلم: محمد بن أحمد الشدي

 

قد تجد نفسك محاصَراً وسط (شلة) من الرجال، كلهم يحاولون انتزاع الاعتراف منك بروعة الحضارة الغربية وجدارتها بالسيادة والانتشار؟!

تقول لا.. فأنت إذن رجعي..!! تقول نعم، فأنت إذن منافق..!! أمران أحلاهما مُرّ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

في كل يوم، وفي كل مجلس، يحتدم الجدل، ويثور حول الحضارة الغربية بطريقة تؤدي إلى الصداع والتأمل، ويزيد البلاء حين يتصدى للدفاع عن الحضارة الغربية بعض الذين لا يعرفون شيئاً عن ماضيهم ولا عن واقعهم، وكل ما في الأمر أنهم يريدون أن يعيشوا حضارة تتصف بالجاذبية والإغراء!! بأي شكل، وبأي ثمن..!!

ويبرز السؤال: هل الحضارة الغربية بالنسبة للشعوب الضعيفة والمتخلفة خير أم شر؟! عسل أم علقم..؟! وما المكاسب الحقيقية لهذه الشعوب غير الغربية من الحضارة الغربية.؟! وما عواقب هذه الحضارة المثالية..!! في نظر المأخوذين بها والمدافعين عنها؟!

يذهب الشرقي الآسيوي أو الإفريقي مثلاً إلى أوروبا أو أمريكا فيُصاب بالذهول حين يقف على أمور عجيبة غريبة عليه لم يألفها، ولم يتعود عليها؛ فيهيم بتلك العوالم السحرية..!! وشيئاً فشيئاً يصبح الأخ أوروبياً أكثر من الأوروبيين وأمريكياً أكثر من الأمريكيين..!! ثم يعود إلى بلاده محمَّلاً بالنقمة والسخط والقرف من أهله وبلاده بقدر ما هو مشحون بالحماس والإعجاب بالحضارة الغربية..!!

فإن كان طالباً عادياً أو سائحاً ثرياً لم يترك مناسبة تمر دون أن يكون موضوع الحضارة الغربية (مسمار جحا) المشهور!!

وإن كان أحد المحظوظين الذين أُرسلوا خصيصاً ليرضعوا من ضرع هذه الحضارة، وتأهيلهم للمراكز القيادية في بلادهم، فعند ذلك لا يكتفي بإظهار الولاء المطلق للغرب ولحضارته.. ولكنه من واقع القدرة يترجم إعجابه بالحضارة الغربية عملياً؛ فيقلب الأعراف والتقاليد رأساً على عقب.. فتتسرب سلوكيات الغرب لتستوطن مجتمع الإدارة والقيادة، ثم تنتشر كالوباء في بقية شرائح المجتمع.

ولو سألت أحد هؤلاء: ماذا أعجبك في الحضارة الغربية؟.. لأجابك بوجه منقبض وسحنة مقلوبة..!! الحضارة الغربية هي حضارة النظام.. حضارة النظافة.. حضارة العلم والبحث.. حضارة الصدق في التعامل.. وأهم من كل ذلك حضارة الحرية الشخصية.

ولو قلت: وما رأيك بالحضارة العربية والإسلامية؟!.. أليست سبقت جماعتك (الساكسون)؟ لشاح عنك ومط (بوزه) وبادلته المشاعر نفسها!!

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة